خاص شفقنا – بيروتأجمع المؤرِّخون على أنّ الإمام علي بن الحسين زين العابدين “ع” كان من أسخى الناس وأنداهم كفّاً، وأبرَّهم بالفقراء والضعفاء، وكان عليه السلام يحتفي بالفقراء ويرعى عواطفهم ومشاعرهم، فكان إذا أعطى سائلاً قبّله، حتى لا يُرى عليه أثر الذلّ والحاجة وكان إذا قصده سائل رحّب به وقال له: “مرحباً بمن يحمل زادي إلى دار الآخرة”. وليس غريبا على أهل البيت أن يحملوا هذه الصفات لتكون دستوراً للأجيال وطريق نور يهتدي به السالكون درب الحق.
وفي رحاب ولادته عليه السلام، يلفت عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ حسن بغدادي في حديث خاص لـ”شفقنا”، إلى أنّ الإمام “ع” افتقده الفقراء بعد رحيله، فبصدقة السر هذه لم يكن ينظر إلى وجاهة في عمله بل كان ينظر وجه الله تبارك وتعالى، لذلك لم يكن يهمه أن يعرف أحد من الناس أنه من يقوم بفعل الخير فكان يوصل الصدقات لأهلها في جوف الليل، لكن الله أبى إلا أن يظهر هذا الخير ولو بعد حين”، مشيراً إلى أنه بعد استشهاده عليه السلام كان بعض الفقراء يقول “لقد قطعني علي ابن الحسين”.
ويضع الشيخ بغدادي مقاربة بين كرم الإمام الذي عاشه في حياته والذي حاول من خلاله أن يعالج مشاكل الفقراء والمساكين في الليل والنهار حتى لا يبقى مظلوم واحد، وبين ما نراه اليوم في العالم المتقدم والمتحضّر ونحن في أوج التطور والاكتشافات والعلم والحضارة، مشيراً إلى أنّ الملايين من المسلمين وغيرهم يموتون جوعا، محمّلا المسؤولية للفئة الظالمة من الحكام الذين يتحكمون باقتصاد بعض البلاد ومسارهم ولا تقبل أن يعمّ هذا العدل والنعم الإلهية، لافتاً إلى أنهم لو قدموا بعض ما يهدرون في مصلحة الإنسان لما بقي فقير ولا جائع.
وقال: إذا نظرنا الى الدول من حولنا ومنها الجمهورية الاسلامية في ايران المحاصرة، التي لو قُدّر أن أفرجوا عنها وعن ثرواتها لما بقي فقير في منطقة الشرق الأوسط، فالمشكلة ليست في الثروات وليست في النعم ولا بالإمكانيات وإنما المشكلة بالقادة الذين وضعوا أيديهم على هذه الثروات وجعلوها تذهب هدراً، لافتاً إلى أن المستفيد الاول من ثروات المسلمين هم الأميركيون والغرب، بينما المسلمون يموتون جوعاً في بلادهم كالعيس في الصحراء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمولُ”.
وشدّد على أنّ الطريق الوحيد للتخلص من هذه العبودية، هو الانتفاضة على هؤلاء الحكام والعودة الى حكم الله تعالى والى طريقة ونهج الأئمة وبالأخص نهج الامام زين العابدين، وحينئذ لا يبقى فقير ولا مظلوم واحد في بلادنا”.
رسالة الحقوق دستور الإمام المهدي
واذا ما تحدثا عن الإمام زين العابدين لا بد وأن نذكر رسالة الحقوق التي وضعها والتي تصلح ان تكون دستورا ونظاما تشكل بمضامينها سعادة الإنسان في حياته وآخرته، يقول الشيخ بغدادي، معتبراً أنه لو التفتنا إلى هذه الرسالة وطبقناها لما ظُلِم أحد ولوصل لكلّ ذي حق حقه، لافتاً الى أنّ الغرب اليوم يعتبر رسالة الحقوق هذه وثيقة تصلح أن تكون في المتاحف الكبرى، باعتبارها نادرة ولا يكمن لأي إنسان مهما بلغت عظمته أن يكتب مثلها، فهي التي تشبه نهج البلاغة وتعبّر عن حقوق الانسان كاملة أمام الله والتاريخ.
وأضاف “نحن اليوم ما أحوجنا الى رسالة الحقوق للامام، ذلك أننا نعيش في دولة الإمام صاحب الزمان “عج” ومن الطبيعي أن الامام زين العابدين هو امتداد للائمة الأطهار وأجداده، مشيراً إلى أن رسالة الحقوق هذه ستكون الدستور الذي يحكم مسار الامام المهدي “عج””.
وختم بالقول “نحن نتطلع في زمن الامام الى عدالة كاملة لا نحتاج معها الى قوانين وضعية وشرطة وسجون والى محاكم، لأن المجتمع البشري سوف يصلح في عهده ولو بعد حين، وهذه القوانين ودستور رسالة الحقوق هي الباقية الى يوم القيامة ليستغني فيما بعد عن كل القوانين الوضعية لتبقى أقوال الائمة وأفعالهم هي الدستور التي ينطلق منها الإمام للبشرية جمعاء”.
ملاك المغربي–بیروت