شفقنا-خاص- هناك من يعتقد ان الهجمات التي يتعرض لها اتباع اهل البيت عليهم السلام في العراق ، واخرها التفجيرين الارهابيين اللذين شهدتهما بغداد ، من قبل الجماعات التكفيرية هدفه دفع الغالبية العظمى من الشعب العراقي وهم من اتباع اهل البيت (ع) للرد والانتقام ، وصولا الى اثارة حرب طائفية تكون ارضية لتدخل قوى اقليمية ودولية لاسقاط النظام السياسي العراقي وتقسيم هذا البلد الى دويلات متصارعة ومتناحرة.
هذا الاعتقاد يصطدم بحقيقة لا يمكن انكارها وهي ان الحقد الذي تكنه الجماعات التكفيرية لاتباع اهل البيت (ع) ليس وليد اليوم او البارحة ، فممارسات النواصب ضد اتباع اهل البيت (ع) قديم بقدم التاريخ الاسلامي ، وان هذا التاريخ تفوح منه رائحة الدم المسفوح ظلما على امتداد الامبراطوريات الاسلامية على مدى 1400 عام.
كما ان ذلك الاعتقاد يصطدم بحقيقة اخرى ماثلة للعيان يعيشها اتباع اهل البيت في عالم اليوم ، فهم يتعرضون للقتل على يد الجماعات التكفيرية في باكستان وافغانستان دول عربية وافريقية ، وهذه الجماعات تعلن صراحة انها تسعى لتفريغ باكستان وافغانستان من الوجود الشيعي ، رغم ان اتباع اهل البيت في هاتين الدولتين لا دور لهم في النظام السياسي القائم او تمثيل فاعل في الحكم هناك، الا انهم مهددون بالقتل والابادة فقط لانهم من اتباع اهل البيت عليهم السلام.
اتباع اهل البيت (ع) في البلدان التي تشهد هدوءا سياسيا مثل السعودية والكويت ومصر ولبنان ونيجيريا ، بل وحتى في دول اوروبية ، يتعرضون بين وقت واخر لهجمات انتحارية واعتداءات ، من قبل الجماعت التكفيرية ، لا بسبب “صراع سياسي” كما يحاول البعض تبرير هذه الجرائم في العراق وسوريا ، بل انطلاقا من حقد اعمى تشربت به هذه الجماعات التكفيرية ضد اتباع اهل البيت عليهم السلام ، وهو حقد يفوح من الكتب الصفراء والمنابر الطائفية ومشايخ الفتنة.
في المقابل هناك من يقف مذهولا من المسلمين وغير المسلمين امام الموقف الاسلامي والانساني والاخلاقي لاتباع اهل البيت عليهم اسلام من حرب الابادة التي يتعرضون لها ، فسلوكيات اتباع اهل البيت عليهم السلام في كل دول العالم ومنها العراق وسوريا ، متشابهة ، فلم يرد اتباع اهل البيت بالمثل على الاعتداءات التي تعرضوا لها ،فاذا كان الخوف هو سبب عدم رد تباع اهل البيت في افغانستان وباكستان ونيجيريا لانهم اقلية كما يحاول البعض تبرير عدم الرد ، فلماذا لايرد اتباع اهل البيت في العراق على حرب الابادة التي يتعرضوون لها منذ عام 2003 حتى وصل عدد ضحاياهم المليون ضحية ، وهم الاغلبية في هذا البلد؟.
ان مدرسة اهل البيت عليهم السلام لا تسمح لمنتسبيها التعرض لاي انسان مهما كان دينة او قوميته ، فاتباع مدرسة اهل البيت يرون في الانسان اما اخا لهم في الدين او في الانسانية ، وهذه مقولة امامهم وامام المسلمين امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام ، الذي لم يمنع جيش معاوية من شرب الماء رغم انه كان قادرا على منعه ، وهو ما فعل الامام الحسين عليهم السلام في كربلاء مع جيش يزيد ، وهذه الاخلاق العلوية الحسينية الاسلامية الاصيلة يجسدها اليوم المرجع الديني الكبير سماحة السيد على السيستاني ، الذي كان ومازال يوصي اتباع اهل البيت التخلق باخلاق ائمة اهل البيت عليهم السلام ، وعدم الانجرار للانتقام كما حصل بعد تفجير مرقدي الامامين العسكريين عليهما السلام ، وبعد الاف العمليات الانتحارية التي اسفرت عن استشهاد واصابة مئات الالاف من العراقيين.
تعامل اهل البيت عليهم السلام مع اخوتهم المسلمين من ابناء السنة ، في العراق وغيره ، لا ينطلق من منطلقات سياسية او حسابات الاقلية او الاكثرية ، بل هو تعامل نابع من عقيد اسلامية اصيلة ، لا تبرر الوسيلة مهما كانت الاهداف ، ولا تضع النواصب التكفيريين الارهابيين في خانة واحدة مع ابناء السنة الكرام ، فاهل السنة براء من افاعيل وفظاعات الجماعات التكفيرية ، فهذه الجماعات ليست سوى حالة ممسوخة ومرفوضة من قبل السنة انفسهم ، لعلمهم ان ممارسات هذه الجماعات تصب من الفها الى يائها في صالح اعداء الامة من الصهاينة والمستكبرين ، كما ظهر جليا في سوريا والعراق وافريقيا واوروبا.
إنتهى