شفقنا-خاص- للاسف تعودنا ان نبحث عن حقائق ما يجري في منطقتنا من خلال مشاهدة او استماع او قراءة الاعلام الغربي المرئي والمسموع والمقروء ، وكأن ما يقوله هذا الاعلام هو الفيصل بين الحقيقة والمزاعم الواهية فيما يخص كل حادثة تقع بين ظهرانينا.
اما سبب هيام اغلب العرب بوسائل الاعلام الغربية ، يعود الى عدم ثقة المواطن العربي باعلام بلاده ، والذي يعتبر الدفاع عن النظام والوضع الموجود ، هو مهمته الاولى والاخيرة ، وكل ما يمكن ان يعرض صفو النظام او الوضع الموجود ، سيفتح عليه ابواب جهنم ، بعد ان يتعرض الى قصف اعلامي ، اقله قنابل التخوين والعمالة للاجنبي.
حتى بعد ثورة المعلومات والاقمار الصناعية والفضائيات والانترنيت و..، بقي الاعلام العربي محافظ على ادائه ، بيد انه قام بتطويره وفقا للتقنية الحديثة ، الا انه زاد الى مهمته الاولى وهو الدفاع عن النظام والوضع الموجود ، مهمة اشعال الفتن الطائفية ودفعها للتطور الى حروب ونزاعات احرقت الاخضر واليابس في منطقتنا.
نظرة سريعة الى الخطاب الاعلامي العربي وخاصة الخليجي ، ستكشف لنا ان هذا الاعلام ليس سوى “منابر” فتنة تدعو الى الطائفية وبشكل علني ، فلا يتم الاشارة الى حزب او تنظيم او شخصية سياسية ، الا ويتم وصفها على الفور ب”الشيعية” او “الزيدية” او “العلوية” او “المسيحية” او…، وقد ضاعت الوطنية والانتماء القومي في فوضى هذا الخطاب الاعلامي الطائفي المقيت، في محولة باتت مفضوحة لاستقطاب التعاطف الطائفي مع هذا الحزب او هذه الشخصية او بالعكس حرمان هذا الحزب او هذه الشخصية من اي تعاطف.
الشيء المؤسف هو تسمر المُشاهد امام قناة بعينها اذا ما اراد ان يتعرف على تطورات الاحداث في بلاده او اي بلد عربي اخر ، فاصبح لكل قناة مشاهدوها لا يتغيرون ابدا ، الامر الذي حول هذه القنوات الفضائية الى حزاب منغلقة على نفسه ، واذا ما تجرأ شخص ما وغيّر القناة ، فعندها سينُظر اليه كخائن!.
الملفت ان الاعلام العربي وخاصة الخليجي لا يمكن وصفه ب”المنافق” ، فهو لا يضمر شيئا ، فخطابه طائفي حتى النخاع ، ولا يتحرج في التهجم وباقبح العبارات على طائفة اسلامية اخرى ، حتى لو بلغ عدد اتباعها عشرات الملايين ، بمجرد ان مالكي وسائل الاعلام هذه ينتمون الى طائفة اخرى ، او لانهم ينفذون سياسيات حكوماتهم.
صفة “المنافق” يمكن اطلاقها فقط على الاعلام الغربي الذي يدعي الموضوعية والحيادية والشفافية ، وقد خدعنا على مدى قرن من الزمن ، بهذه المزاعم الكاذبة ، حيث كنا نصدق كل ما يقوله دون تفكير، حتى تكشف لنا وجهه القبيح وبشكل كامل خلال الفتن والصراعات والحروب التي شهدتها منطقتنا خلال الاعوام السبعة الماضية.
صحيح ان انحياز هذا الاعلام كان مكشوفا قبل ذلك من خلال انحيازه الى “اسرائيل” ضد العرب والمسلمين ، الا ان البعض كان يبرر ذلك بقوله ان عدم حيادية هذا الاعلام محصورا في القضية الفلسطينية فقط ، بينما هو موضوعي وحيادي وشفاف في القضايا والاحداث والتطورات الاخرى التي شهدتها وتشهدها المنطقة العربية.
السنوات السبع الماضية كانت كافية لتسقط جميع اقنعة الاعلام الغربي الذي كان سباقا لزرع الفتن الطائفية بين العرب والمسلمين ، فالعبارات والكلمات التي كان الاعلام الغربي يتحرج منها في السابق بات يكررها اكثر من الاعلام العربي ، فهو لا يذكر عبارة “حركة انصار الله” اليمنية بالمطلق الا ويروج لعبارة ” الحوثيون المتمردون الموالون لايران” ، ولا يذكر حزب الله ، الا ويعقب “الموالي لايران” ، ولا يذكر الحشد الشعبي العراقي الا ويضيف “مجاميع دربتها ايران” ، بينما عندما يذكر هذه الفصائل جميعها فيضعها في خانة “ميليشيات شيعية”.
في المقابل عندما يريد الاعلام الغربي ذكر اسم “داعش” فيقول “تنظيم الدولة الاسلامية” ، وعند ذكر ارهابي القاعدة فيقول “تنظيم القاعدة” خالية من اي اضافات مثل “وهابية” وغيرها ، مبررا ذلك بالامانة والحرفية المطلوبتان اعلاميا ، فمن غير اللائق حسب ادعائها ، اطلاق عبارة “داعش” بينما التنظيم الارهابي يطلق على نفسه “الدولة الاسلامية”!!.
نظرة سريعة الى وكالات انباء رويترز البريطانية وفرانس برس الفرنسية و اسوشيتدبرس الامريكية وجميع القنوات الخبرية في الغرب وامريكا ، خلال تغطيتها للفتن المتنقلة التي زرعها الغرب في ديارنا ، سيُفزع من حجم النفاق الغربي الفاضح.
إنتهى