خاص شفقنا- -شهر رمضان المبارك يطرق باب قلوبنا في كل عام، ويفتح لنا أبوابا لا يحصيها أحد من الأنام، فهو شهر ليس كباقي الشهور، فيه الرحمة والمغفرة و الطاعة، وفيه الرأفة و المحبة وفيه تغلّق أبواب النيران وتفتح للصائمين أبواب الجنان. فها قد أقبلت نسائم الرحمة والمغفرة والبركة، وأبواب الخير باتت مُشرعة، وهي كثيرة ومتنوعة، ومن أعظمها مكانة، وأجلها قدراً، صلة الرحم. وهي خلق إسلامي رفيع، دعا إليه الإسلام وحض عليه، فهو يربي المسلم على الإحسان إلى الأقارب وصلتهم، وإيصال الخير إليهم، ودفع الشر عنهم، حيث يقول الله تعالى في كتابه: “وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى”.
ولهذا الشهر المبارك تأثير على العلاقات الاسرية في المجتمع وصلة الأرحام بين أفراده، وفي هذا الإطار يشير الشيخ عبد الامير شمس الدين إلى هذا التأثير في حديث خاص لـ “شفقنا”، منطلقا من الآية الكريمة في سورة محمد (ص) ”فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ”، واستدل بآية اخرى من سورة الاحزاب “واولو الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمؤمنات”، مؤكدا “أن الله تعالى يريد لنا أن ندرك من خلال هذه الآيات المباركة في كتابه العظيم ان من الواجبات المؤكدة مراعاة المؤمن لأرحامه والتواصل معهم والاحسان اليهم وان قطيعة الانسان لأرحامه هو من الفساد في الأرض”.
ولفت الشيخ شمس الدين إلى انه “من آثار التدين الحقيقي ان يتواصل الانسان مع ارحامه لاسيما البر بالوالدين”، مشيرا إلى ان “من يقطع ارحامه ويدير لهم ظهره لا ينبغي الركون إليه او الاعتماد عليه حتى لو كان في ظاهره مقيما للصلاة و مؤديا لفريضة الصوم”، مستشهدا بحديث عن أمير المؤمنين علي (ع) والذي يقول فيه: ”كم من صائم ليس له من صيامه الا الجوع والظمأ وكم من قائم ليس له من قيامه الا السهر و العناء” إضافة إلى قوله :”اقبح المعاصي قطيعة الرحم“.
وتطرق الشيخ شمس الدين إلى أسباب التباعد الأسري الذي تشهده المجتمعات الإسلامية مشيرا إلى ان “الحالة الغالبة بين الارحام الذين لا يبالون بأحكام الدين ان يقاطع بعضهم بعض بسبب التعالي والتكبر والطمع بالحقوق المشتركة كالموروثات واختلاف الاذواق او تضارب المصالح الشخصية او الغيرة وخصوصا لدى النساء وغير ذلك من وساوس الشيطان”.
وأضاف الشيخ شمس الدين أن “قطيعة الرحم في شهر رمضان اعظم اثما ولذا كان من جملة وصايا رسول الله للمؤمنين “ان يصلوا ارحامهم” في هذا الشهر”.
وحذر الشيخ شمس الدين ذوي الارحام من مقاطعة بعضهم البعض لأن في ذلك غضب الرب عز وجل حيث انه سبحانه حذر منه وجعله خسرانا في الدنيا والاخرة”، مؤكدا ان قطع الرحم يؤدي إلى الكثير من الأضرار الملموسة والمعنوية “ففي الدنيا يؤدي الى قصر العمر فقد ورد في الحديث ما مضمونه ان الانسان قد يكون باقيا من عمره 3 سنوات فيصل ارحامه فيمده الله له الى 30 سنة وربما يكون باقي من عمره 30 سنة فيقاطع ارحامه فينقصها الله الى 3 سنوات”.
وفي الختام دعا الشيخ شمس الدين إلى أن “نتقي الله في ارحامنا فالله تعالى يصل من يصل رحمه ويقطع من رحمته من يقطع رحمه”.
شفقنا بیروت
مهدي سعادي