شفقنا-خاص- قبل فترة وجيزة ، كان بعض الصحفيين والاعلاميين وحتى السياسيين العرب يبررون التقارب الغريب في المواقف مع “اسرائيل: ازاء ايران وحزب الله وحماس والحربين على سوريا واليمن ، بانها لا تعدو سوى تقاطع مصالح ليس الا ، ولا تُخفي اي تنسيق او تقارب بين هذه الدول الغربية وبين”اسرائيل”.
رغم انه حتى هذا التبرير للتقارب الوثيق في المواقف بين هذه الدول العربية وفي مقدمتها السعودية والامارات والبحرين وبين”اسرائيل” ، لا يمكن ان يقنع حتى السذج من الناس ، الا انه تحول الى ما يشبه الشعار في وسائل اعلام تلك الدول ، عدا وسائل الاعلام “الاسرائيلية ” التي كانت تتحدث عن علاقات اعمق بكثير من “تقاطع مصالح”.
بعد قرب انتهاء صفحة الارهاب في سوريا ودخول حرب المفروضة على اليمن نفقا مظلما ، وفشل المخطط الامريكي الصهيوني العربي الرجعي الرامي لتفكيك دول المنطقة ،وخاصة تلك التي كان تشكل تهديدا ل”اسرائيل” الى دويلات عرقية وطائفية متناحرة ، بدأت تطفو على السطح بعض وجوه تلك العلاقة الوثيقة الى حد التحالف بين هذه الدول و “اسرائيل” ، من دون ان تأخذ اي مسؤول في هذه الدول الحمية والكرامة لانكارها.
جميع مصادر المعلومات عن التنسيق العسكري والامني والسياسي والاقتصادي وحتى التجسسي بين هذه الدول و”اسرائيل” كان مصدرها وسائل اعلام امريكية وغربية معروفة ، حيث تحدثت حتى عن المشاركة في مناورات عسكرية مشتركة ، و”التعاون” الثنائي في الحرب على اليمن ، والاجتماعات السياسية والامنية على اعلى المستويات ، وشراء الاسلحة “الاسرائيلية” ، والتنسيق العسكري والاستخباري والاقتصادي للضغط على ايران ومحور المقاومة.
بعض قادة هذه الدول وصل به الامر الى التاكيد على ان ارض فلسطين ارض يهودية لا حق للفلسطينيين فيها ، بينما ذهب مسؤول اخر الى الدفاع عن حق “اسرائيل” عن نفسها ضد التهديدات الفلسطينية والايرانية واللبنانية ، فيما دعا اخرون”اسرائيل” الى مهاجمة ايران عبر اجوائهم ، وحتى دفع تكاليف هذا العدوان.
آخر ما كشفته الصحافة الامريكية عن “تقاطع المصالح بين هذه الدول العربية و اسرائيل”!! ، هو ما جاء في صحيفة “نيويورك تايمز” التي كشفت عن توظيف مسؤولين إماراتيين لشركة تجسس “إسرائيلية” لاختراق هاتف أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، والامير السعودي متعب بن عبدالله ، وصحفيين، ونشطاء آخرين بحسب رسائل سرية مسربة قدمت ضمن دعاوى قضائية ضد الشركة.
ما تم الكشف عنه لحد الان عن ابعاد التحالف الاستراتيجي بين هؤلاء العرب و “اسرائيل” ، وهو تحالف اشار اليه زعماء “اسرائيل وعلى راسهم بنيامين نتنياهو و وزير حربه افيغدور ليبرمان ، في اكثر من مناسبة ، يؤكد حقيقة ان العلاقة بين هذه الدول العربية و”اسرائيل” لم تمليها المصالح التي تقاطعت بين الجانبين ، وهي مصالح العداء لايران وحزب الله وحماس وسوريا واليمن ، بل املتها طبيعة تلك الانظمة السائرة في الفلك الامريكي ، ودورها الوظيفي في تنفيذ سياسات امريكا في المنطقة ، وفي مقدمة هذه السياسات ، حماية “اسرائيل” ، والعمل على تصفية القضية الفلسطينية ، ومحاربة كل الدول وحركات المقاومة التي ترفض سياسة الهيمنة الامريكية وعدوانية “اسرائيل”.
الفترة القادمة ، وخاصة في حال اكمال الرئيس الامريكي دونالد ترامب ولايته الاولى ، ستكشف ايضا عمق هذا التحالف الاستراتيجي بين هذه الدول و”اسرائيل” ، بعد ان اسقط ترامب آخر مسحة دبلوماسية عن سياسة امريكا الحقيقة ، عبر نقل سفارة امريكا للقدس ، وقطع مساعداتها عن الاونروا ، والاعتراف بيهودية دولة”اسرائيل” ، لدفع الفلسطينيين الى القبول بصفقة القرن ، بدعم واضح وفاضح من هذه الدول العربية ، التي مازالت تتحدث عن “تقاطع مصالح” يجمعها مع “اسرائيل” ليس الا.
*منيب السائح
انتهى