شفقنا- في عام 2012 قدم الممثل البريطاني ساشا كوهين فيلمًا كوميديًا بعنوان «The Dictator» أو «الدكتاتور»، ولعب كوهين شخصية «علاء الدين» الحاكم الدكتاتوري الذي يحكم دولة «وادية» التي ذكر الفيلم أنها في شمال أفريقيا، وتشابهت شخصية علاء الدين مع شخصية العقيد معمر القذافي الحاكم الليبي السابق، ويمكن القول بأن سمات شخصية علاء الدين تشابهت مع التفاصيل الكوميدية لحياة معمر القذافي، التي كان يرويها الإعلام في العالم؛ وفي الولايات المتحدة على وجه التحديد. وكذلك كان الديكور وملابس بعض الشخصيات والموسيقى التصويرية المستخدمة في الفيلم، تشبه إلى حد كبير تلك التي في حلقات أسطورة علاء الدين الكرتونية.
الآن وبعد مرور خمس سنوات عاد ساشا كوهين ليستخدم ملابس شخصيات علاء الدين الكرتونية كي ينفذ مقلبًا جديدًا في الحلقة الرابعة من برنامجه «Who is America»؛ وذلك بعدما أقنع أحد السياسيين الأمريكيين بأن التخفي في هذه الملابس سوف يساعده على النجاة من أي هجوم محتمل ينفذه على مكتبه أي متطرف مسلم.
شون مكوتشون، المحلل السياسي الجمهوري الذي لطالما حجز مكانًه في وسائل الإعلام الأمريكية، باعتباره محللًا سياسيًا ومؤيدًا للهوية الجمهورية وللرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب؛ وهو أيضًا أحد أعضاء المجمع الانتخابي الذي انتخبه شعب ولاية ألاباما الأمريكية كي يمنح صوتها لدونالد ترامب الذي حصد أغلبية الأصوات في هذه الولاية إبان الانتخابات الرئاسية، لكن على ما يبدو فإن السيد مكوتشون سوف يفتقد الظهور في التلفزيون الفترات القادمة؛ وذلك بعد أن أذيعت الحلقة الرابعة من برنامج «Who is America» وفي بدايتها المقلب المضحك الذي وقع فيه مكوتشون.
فبعدما استطاع ساشا كوهين إقناع جيسون سبنسر عضو الكونجرس السابق أن الحل الوحيد لمواجهة إرهابي مسلح هو أن تضربه بمؤخرتك العارية؛ لم يكن الأمر صعبًا في أن يقنع شون مكوتشون أن الإرهابي المسلم سوف يفر هاربًا عندما يُشهر في وجهه قطعة من لحم الخنزير، أو أن السلاح الآخر الذي سوف يصيب الإرهابي المسلم بالرعب، هو صورة رجلين يمارسان الجنس؛ لأن المتطرف المسلم – وكما أخبره ساشا – يخشى لحم الخنزير ويرتعب من أن يقال إنه شاذ جنسيًا.
«Hide, Infiltrate, Violence» أو «HIV» هي الطريقة التي أخبر كوهين السيد مكوتشون أنه يمكن من خلالها التسلل داخل صفوف الإرهابيين المسلمين لكي ينجوا من الهجوم المحتمل. ولم يقف شون مكوتشون للحظة واحدة ويفكر في أن «HIV» هو الاختصار الشهير لمرض فيروس نقص المناعة البشرية «الإيدز». لكن الجزء المضحك لم يأت بعد؛ إذ تعتمد طريقة «HIV» هذه على أن يقوم الضحية بارتداء زيًا يشبه ملابس المسلمين، ويضع في مكتبه مقتنيات مثل التي يقتنيها المسلمون، لكن الملابس التي ارتداها شون مكوتشون في المقلب لا تشبه إلا ملابس شخصية جعفر الشريرة في فيلم علاء الدين، أما عن المقتنيات فلم تكن سجادة صلاة ولا نسخة من القرآن؛ بل كانت شيشة ومصباح علاء الدين على المكتب.
وتجدر الإشارة إلى أن شون مكوتشون الذي وقع في مقلب كوهين بكل سذاجة، تمكن في عام 2014 من كسب القضية التي رفعها ضد لجنة الانتخابات الفيدرالية الأمريكية، والتي وضعت قانونًا جديدًا للانتخابات، يحدد كمية الأموال التي يمكن أن يقدمها المتبرع الواحد للمرشح المحتمل في أي من الانتخابات التي تجرى على الأراضي الأمريكية. إذ تمكن مكوتشون من ربح القضية أمام المحكمة الدستورية العليا، بعد أن أثبت للمحكمة مخالفة لجنة الانتخابات مبادئ ومواد دستور الولايات المتحدة، ولكن من الواضح أن قدراته التحليلية لم تساعده على النجاة من مقالب ساشا كوهين.
الضحية الثانية في الحلقة الرابعة؛ كان مدير مبيعات في شركة كبيرة لبيع اليخوت، وعلى الرغم من أن كوهين لم يذكر اسم الضحية أو حتى اسم الشركة، إلا أن الرسالة من المقلب كانت في غاية الوضوح؛ إذ لعب كوهين شخصية رجل الأعمال الإيطالي مرة أخرى، وجلس مع مدير المبيعات ليخبره أنه يريد أن يبني يختًا كبيرًا، فعرض عليه الضحية شركة ألمانية من أكبر وأشهر شركات بناء اليخوت في العالم، وهي شركة«Lurssen» والتي يمكنها أن تبني له اليخت الذي يريده بتكلفة 200-300 مليون دولار.
ليرد عليه كوهين ويقول إنه لن يتكفل بكافة التكاليف؛ بل إن هناك شريكًا له في اليخت، الشريك هو الرئيس السوري بشار الأسد، لم يمانع مدير المبيعات، واستمر كوهين في تصعيد الطلبات التي أظهرت مدى جشع الضيف وعدم اكتراثه بأي نوع من الجرائم ضد الإنسانية التي قد تحدث على متن القارب، وجرى الحوار على النحو التالي:
* دعنا نتحدث عن احتياطات الأمن على اليخت، ما نوع المعدات العسكرية التي يمكن أن نضعها؟
أي نوع يمكنك التفكير به؟
* مضاد للطائرات؟
بالتأكيد، وسوف تكون الأسلحة مخبأة بطريقة تجعل تخيلك لوجود سلاح على متن القارب مستحيل.
* لنتحدث عن اللاجئين السوريين في البحر المتوسط، لا أريد أيًا منهم أن يقفز إلى القارب
هذا بالتأكيد لن يحدث.
* كيف يمكن إيقافهم، هل يمكن أن أستخدم صواعق كهربائية؟
بالتأكيد.
* أنت تعلم أن هؤلاء اللاجئين سوف يغرقون في البحر المتوسط لا محالة، لا أحد يهتم بشأنهم
-لا تقلق سوف يكون لديك أسلحة على القارب.
* وهل يمكنني أن أطلق عليهم النيران؟ دعنا نقُل إننا في مكان ما في البحر المتوسط لا يرانا فيه أحد.
بالتأكيد إن لم يرك أحد، فكل شيء سوف يكون على ما يرام.
* ماذا عن السوائل الحارقة، هل يمكن أن نضع على متن القارب سوائل حارقة؟
بالتأكيد.
* هل يمكن تصميم حجرات للفتايات على المركب؟
بالتأكيد
* حسنًا، دعنا نقول أنني أنقل (أشحن) مجموعة من الفتايات من شرق أوروبا إلى دمشق، كم فتاة يمكن أن أنقلها؟
أنت الآن تتحدث عن نقل (شحن) مجموعة من البشر… يمكنك أن تضع 10 في كل غرفة، 20 في كل غرفة إن أردت.
* هل يمكن أن يزيد العدد إلى 30 فتاة في الغرفة؟
بالتأكيد.
ساشا كوهين يخدع مدير المبيعات
وتصدر وزارة الخارجية الأمريكية سنويًا، تقريرًا عن الإتجار بالبشر في العالم كله، وتعد الخارجية الأمريكية واحدة من أهم المؤسسات التي تكافح و تندد بجريمة الاتجار بالبشر، وعلى الرغم من ذلك فإن الولايات المتحدة نفسها هي من أكثر الدول التي تحدث فيها جريمة خطف البشر وبيعهم، خصوصًا الفتيات اللواتي يتم بيعهن واستعبادهن جنسيًا.
وفي عام 2016 فقط شهدت الولايات المتحدة 5591 حالة إتجار بالبشر، ولكن بعد حلقة «Who is America» فمن الواضح أن وزارة الخارجية الأمريكية سوف تعيد النظر في مراقبة شركات القوارب والشحن التي تدار على الأراضي الأمريكية.
محمد صلاح عبد الجواد
النهایة