شفقنا-خاص- كما توقعنا منذ البداية ، ان خواتيم حكاية الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قُتل وقطعت جثته في قنصلية بلاده في اسطنبول ، ستنتهي في صالح الرئيسين الامريكي دونالد ترامب والتركي رجب طيب اردوغان ، حيث سيحصلا على ثمن السكوت ، او ثمن تزييف ما جرى ، من الخزينة السعودية.
تقديم المعلومات بالقطارة من قبل تركيا عن جريمة قتل خاشقجي ، خلال الاسبوعين الماضيين ، كان امرا مريبا ، فتركيا عرفت حتى تفاصيل ما جرى في القنصلية منذ اليوم الاول ، الا انها كانت تساوم الجانب السعودي ، بالتعاون مع الجانب الامريكي .
يوم امس الاثنين فقط وافقت السعودية على تشكيل فريق مشترك سعودي تركي للتحقيق فيما جرى بالقنصلية !، وبالفعل دخل هذا الفريق الى القنصلية ، والمعروف ان هذه الخطوة لم تأت الا بعد تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو التي اعلن فيها ان السعودية لا تتعاون مع تركيا ، وجاءت ايضا بعد زيارة امير مكة الامير خالد بن فيصل الى انقرة ، حيث تم التوصل الى صيغة مع السعوديين في ايجاد مخرج للسعودية من هذه الورطة في مقابل دعم الاقتصاد التركي.
اما امريكا ، التي كانت تعرف اكثر من تركيا بتفاصيل ما جرى ، بل واكثر من ذلك ،انها كانت تدير العملية قبل وقوعها ، فهي كانت تعرف ان خاشقجي مهددا من قبل السلطات السعودية ، فهي كانت تتبعه وترصده ، فقد كشفت وسائل اعلام امريكية ، بعد مقتل خاشقجي ، نقلا عن مصادر الاستخبارات الامريكية، انه تم رصد معلومات موثقة تؤكد ان السلطات السعودية تسعى للتخلص منه ، الا ان امريكا لاتحرك ساكنا ازاء ذلك ، بل ولم تحذر خاشقي ايضا.
هذه الحقيقة بالاضافة الى الموقف المريب لادارة ترامب ، والتي ظلت تماطل في اخذ موقف حازم ازاء ما جرى ، الى ان فجر ترامب قنبلة من العيار الثقيل امس الاثنين ، عندما اعلن في لقاء صحفي في البيت الابيض ، ان الملك السعودي سلمان نفى بشكل حازم أن يكون على علم بأي شيء ، وذلك في اتصال هاتفي اجراه معه ، وشدد ترامب على ان جريمة قتل خاشقجي قد تكون من تنفيذ عناصر غير منضبطين!!.
يبدو ان نصف ترليون دولار التي اخذها ترامب من الخزينة السعودية ، لم تشبع جشعه ، فعين الرجل على كل الخزينة ، لذلك اراد من خلال توريط السعودية ، عبر استغلال نزق ولي العهد محمد بن سلمان وحبه للسلطة ، في جريمة تبقى سيفا مسلطا ليس على رأس بن سلمان فقط ، بل على النظام السعودي برمته ، الامر الذي يضمن له فتح ابواب الخزينة السعودية على مصرعيها ، وضمان تدفق ليس مليارات الدولارات بل تريليونات الدولار ، حتى من دون عقود شراء اسلحة.
من السذاجة اعتبار المال فقط ، هو العامل الوحيد وراء جريمة قتل خاشقجي ، فالمطلوب ايضا ، ان تكون هذه الجريمة منصة للاسراع في تنفيذ صفقة القرن ، واخراج العلاقة السعودية مع “اسرائيل” الى العلن ، والتعجيل بتشكيل الناتو العربي ، وتعويض كل ما خسرته امريكا في العراق وسوريا والمنطقة بشكل عام.
زيارة وزير خارجة امريكا مايك بومبيو الى السعودية، التي كشف عنها ترامب ، والتي ستجري هذه الايام ، هدفها الحصول على تواقيع شيكات على بياض من قبل الملك ونجله ، لتبدأ عملية الحلب الرئيسية للسعودية ، والتي طالما اكد عليها ترامب في اكثر من مرة.
اخيرا ، قد يمني بعض المسؤولين السعوديين ، النفس ، بان عملية حلبهم ، تهون في مقابل ما سيقدم عليه ترامب ضد ايران ، وفي مقدمته استخدام القوة العسكرية ، وفات هؤلاء ان هذه الامنية لن تتحقق ابدا ، لسبب بسيط وهو ان ترامب انسان جشع وطماع الى ابعد الحدود ، ويحسب للدولار الف حساب قبل انفاقه ، وهو يعرف اكثر من غيره ان التعرض لايران عسكريا سيحلب خزينة امريكا ، كما حلب هو خزينة السعودية ، بينما الانجاز الاقتصادي هو الانجاز الوحيد الذي يفتخر به ترامب امام قاعدته الشعبية ، بينما الجميع يعلم ان هذا الانجاز مرده سرقة خزائن الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية.
*منيب السائح
انتهى