شفقنا – أشهر محدودة تجاوز بها سن الـ25 عامًا، كانت كافية لحرمان الطالب الموريتاني المصطفى ولد محمد محمود من دخول الجامعة وإكمال مساره التعليمي وتحقيق حلمه في دراسة الإعلام.
يقول ولد محمد للجزيرة نت إنه حصل على شهادة الثانوية العامة (البكالوريا) في دورة 2018 بعد ثلاث محاولات، لكنه فوجئ بعقبة جديدة تتمثل في قرار أصدره وزير التعليم العالي والبحث العلمي يقضي بمنع من تجاوزوا سن الخامسة والعشرين من دخول الجامعة.ولد محمد واحد من بين 1500 حامل لشهادة الباكلوريا تقول النقابات الطلابية الموريتانية إنهم وجدوا أنفسهم ممنوعين من التسجيل بالجامعات نتيجة القرار، ويواصلون التجمهر يوميا أمام مبنى وزارة التعليم العالي، حيث اعترض البعض منهم سيارة الوزير ومنعوها من دخول المبنى سعيا للحصول منه على إجابة حول أزمتهم.
وخلق القرار ضجة كبرى تشغل الرأي العام الموريتاني منذ أيام، وشغل الحيز الأهم من اهتمام المدوّنين الموريتانيين بمن فيهم بعض المحسوبين على حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، وقوبل بانتقادات واسعة خصوصًا في ظل ارتفاع نسبة الأمية بموريتانيا التي تصل -حسب تقدير منظمات محلية ودولية- عتبة الـ40%.
الطلاب ينتظرون
في تصريحات جديدة أكد الناطق باسم الحكومة الموريتانية أول أمس الخميس أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز أعطى تعليماته بتسجيل جميع حملة البكالوريا، إلا أن النقابات الطلابية تؤكد أن ضحايا القرار ما زالوا ينتظرون، وأن من بينهم أولئك نالوا الشهادة قبل عام 2018.
وزير التعليم العالي والبحث العلميالدكتور سيدي ولد سالم دافع بشدة عن قراره، وعلله بأن عددًا من الدول تعتمد سنّا محددة لكل مرحلة من مراحل التعليم، مشيرا إلى أنه كأستاذ جامعي لا يحتاج من يذكره بأن للقرار تداعيات، فللإصلاح ثمن ويكون مرًّا أحيانا، بحسب تعبيره.
ويضيف الوزير خلال مقابلة في مجموعة حزبية على تطبيق واتساب، أن القرار لا يتعلق بالحق في التعليم وإنما بتنظيمه وترتيب أصحاب الأولوية فيه، مؤكدًا أن الوزارة استقبلت في العام الحالي 11 ألف طلب تسجيل جامعي وهو ما يعادل عدد المسجلين في الجامعات الموريتانية خلال العام الجامعي الماضي.
وخلال الأسبوع الماضي أوفدت الحكومة الموريتانية وزيرَ التهذيب إسلمو ولد سيدي المختار للحديث في المؤتمر الصحفي الأسبوعي عن خطة لاستيعاب الحاصلين على شهادة الباكلوريا في دورة 2018 والذين تجاوزوا 25 عامًا، حيث أعلن عن فرص للتسجيل بمعاهد التكوين المهني إضافة إلى تنظيم مسابقات في قطاعي التعليم والصحة لصالحهم.
كما نفى ولد سيدي المختار أن يكون حملة البكالوريا ممنوعين من التسجيل، وتحدى من يثبت وجود حالة منع واحدة، كما اتهم بعض الطلاب بأنهم يرغبون في التسجيل في تخصصات جامعية لا تؤهلهم لها معدلات النجاح، مشيرا إلى ارتفاع طلب التسجيل في كلية الطب.
تداعيات وتناقض
المصطفى ولد محمد محمود الذي يحتج يوميا أمام الوزارة واختير منسقا للطلاب ضحايا القرار، يقول للجزيرة نت إن التداعيات السلبية لمنع 1500 طالب من التسجيل بالجامعات الموريتانية لا يمكن حصرها، متهما الوزارة بأنها لا تبالي بتداعيات القرار على الشباب في بلد يشهد ارتفاع نسبة الأمية.
وبحسب ولد محمد فإن وزير التعليم العالي يدعو حملة البكالوريا للتوجه إلى الشارع ويتملص من مسؤوليته عن حقهم في التعليم حين يخاطب طلابا من الطبقة الفقيرة يعيشون في أحياء الصفيح قائلا “اذهبوا للتسجيل في الجامعات التجارية”.
ويضيف أنه تقدم للتسجيل في قسم الإعلام بجامعة العيون شرق موريتانيا، وكان طموحه أن يكون صحفيا يكتب عن انحراف السلطات، فوجد نفسه مضطرا و”لاجئا إلى الصحافة للتعريف بقضيتي”.
من جهتها وصفت النقابات الطلابية تصريحات وزيري التعليم العالي والتهذيب إزاء الأزمة بأنها “متناقضة”، كما اتهمت الحكومة بأنها تغالط الرأي العام في حديثها عن أزمة الطلاب، واعتبرت أن المبررات المتعلقة بالطاقة الاستيعابية للمؤسسات الجامعية “واهية”، وأن الوزير الذي استعرض هذه المبررات نفاها في الوقت نفسه.
ويضيف بيان مشترك أصدرته النقابات الطلابية العشر في موريتانيا أنها تحمّل وزارة التعليم العالي “مسؤولية ضياع مستقبل أكثر من ألف طالب موريتاني لم يُوجهوا حتى اللحظة”. كما لوحت في بيانها بخطوات تصعيدية ضد القرار.
النهایة