شفقنا -بغض النظر عن صدق او كذب الانباء التي اطلقتها وسائل اعلام خليجية، التي تحدثت عن وساطة حملها رئيس الجمهورية برهم صالح بين ايران والسعودية، الا انها جديرة بان تستفز ذهن المتتبع للاحداث وتجبره على تحليلها بما ينسجم مع وقت هذه الانباء والبيئة السياسية التي اطلقت فيها.
فاذا افترضنا ان هذه الانباء التي تحدثت عن الوساطة هي كاذبة، فلا يمكن ان نفترض عدم اهمية هذه الانباء ومستوى تأثيرها العالي في الاوساط /الخليجية/ خاصة ، التي تلقتها /بالاحضان/ وتشبثت بها ، وبدأ المحللين السعوديين المعتد بهم يردودها من على شاشات الفضائيات الكبرى.
واذا لم تكن هذه الانباء مؤثرة اساسا، لما كان لرئاسة الجمهورية العراقية ان تسارع الى نفيها.
وذكر المكتب لرئاسة الجمهورية في بيان, إن” وسائل إعلام خليجية نشرت عن مصدر (غير رسمي) خبراً مفاده ان ايران تعرض التفاوض على السعودية، وان الرئيس العراقي اقترح التوسط وحمل رسالة للرياض من نظيره الإيراني”.
وبين, ” إذ نؤكد عدم صحة هذا الخبر بالمطلق، فإننا نشدد على ضرورة أخذ المعلومات الدقيقة من مصادرها الموثوقة وهو ما يتفق مع المواثيق المهنية للإعلام”.
وأوضح، أنه” فيما يخص التفاصيل المتعلقة بجولة رئيس الجمهورية برهم صالح الاخيرة، فإننا نكرر ما قاله رئيس الجمهورية في جميع لقاءاته، وهو ان العراق لا يلعب دور الوساطة بقدر سعيه لضرورة تجنيب العراق تداعيات الصراع في المنطقة”.
وأضاف البيان، أن” رئيس الجمهورية أكد ان العراق هو نقطة تلاقي المصالح المشتركة بين محيطه العربي والإقليمي، في إطار سعيه لتوطيد الصداقة والأخوّة، مع حفظ تام للسيادة واحترام البلدان الأخرى”.
وبعد هذه الافتراضات ، لابد من الانتقال لمسار الاحداث التي طفت على سطح الساحة بعد زيارة صالح لكل من ايران والسعودية .
اولا- بعد زيارة صالح لايران والسعودية مباشرة، انطلق ترحيب غير مسبوق من قبل المحللين السعوديين القريبين من البلاط السلماني بهذه الزيارة، وايضا بالـ “الوساطة” التي حملها صالح بين البلدين، ما يعزز ما رددته وسائل الاعلام الخليجية عن وجود هذه الوساطة.
ثانيا- حالة الضعف والاحراج السعودي الكبير الذي لم يخفى عليها، من ورطتها باليمن وما آلت اليه حربها فيها من خسائر مذلة جسيمة ، ووصولها الى قناعة تامة بان الدولة التي يمكن ان تنقذها من هذه الحرب، هي ايران كونها هي المتبني الاكبر لخط المقاومة في المنطقة ، ولابد من الرجوع اليها ومجالستها وسماع رأيها ومطالبها.
ثالثا- بعد الزيارة مباشرة اصدرت اللجنة الثورية اليمنية العليا, اليوم الاثنين, قرار بايقاف اطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على مقرات التحالف العربي الذي تقوده السعودية لـ “اسقاط الحجة والقاءها بمرمى التحالف الذي يتذرع بها”.
رابعا- ان السعودية في هذه الفترة تعيش حالة من الهستيرية نتيجة الانقلاب الكبير عليها من قبل العالم اجمع بسبب الجريمة التي ارتكبها بن سلمان بقتلة بطريقة بشعة الصحفي المعروف جمال خاشقجي، لهذا فمن الطبيعي ان تتمسك السعودية بهذه الوساطة /ان وجدت/، لكي تخفف من حدة الجبهات التي فتحت عليها ، وخاصة الجبهة في الشرق الاوسط التي فيما يبدو ان خيوطها هي بيد ايران حصرا.
خامسا- ان السعودية ابدت مرونة كبيرة بعد زيارة صالح بموضوع الشان السوري، وهي بالتأكيد ستنتظر ما ستؤول اليه المحادثات التي ستجري بين روسيا وايران وتركيا بهذا الخصوص.
سادسا- ورغم ان زيارة وزير خارجية بريطانيا هانت الى ايران كان معلن عنها سابقا، الا ان زيارته هذه تأتي بعد ان كان قد زار الرياض والتقى ملكها وأجرى محادثات قالت لندن أنها تهدف الى البحث في القضية اليمنية ومقتل الصحافي السعودي جمال_خاشقجي، ومن هنا لا يستبعد ان تكون زيارة هانت ايضا لها علاقة بالوساطة التي حملها صالح لايران والسعودية .
ومن هذا المنطلق ، فانه لا يستبعد ان تكون هذه الوساطة صحيحة ، ولا يستبعد انها ستغير من وجه الخارطة العامة للمنطقة، وان يقف الجميع امام حقائق نتائجها مستقبلا.
هذا وكشفت لجنة العلاقات الخارجية النيابية, عن تفاصيل “مبادرة” عراقية للصلح بين ايران والسعودية, مشيرة الى ان رئيس الجمهورية صالح يحاول اقناع الطرفين على انهاء خلافاتهما.
وقال عضو اللجنة مثنى امين نادر “رئيس الجمهورية برهم صالح يحاول اقناع الإيرانيين والسعوديين على انهاء خلافاتهم في العراق على الاقل والشروع في عملية تصالح والتي من شأنها ان تصب في صالح العراق”.
وأضاف نادر، ان “صالح تبنى نظرية الجسر الدبلوماسي حيث سيكون العراق نقطة مهمة في المصالحة بين البلدين المتصارعين”، مبينا ان “الصلح بين البلدين هو مصلحة مشتركة بين السعودية وإيران وسينعكس ايجابا على استقرار العراق والمنطقة”.
وأوضح نادر ان “متطلبات المصالحة الشاملة بين إيران والسعودية لا يمتلكه العراق في الوقت الحالي سيما فيما يخص ازمة البحرين واليمن وسوريا هي بحاجة الى جهد دبلوماسي دولي ضخم وإرادة داخلية من قبل الحكومتين”.
النهایة