شفقنا-خاص- لا يمكن وصف موقف الرئيس الامريكي من جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي الوحشية ، وإصراره على دعم السعودية ، حتى بعد ان تأكد له ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ، هو من أمر بقتل خاشقجي وتقطيع وإذابة جسده ، الا بالمخزي والمشين ، ليس لترامب فقط ، بل لامريكا ، كدولة، وهذه الوصمة لن تزول عن جبين امريكا بسهولة.
ترامب قال في تصريحات صحيفة يوم الثلاثاء ، وبالحرف الواحد ، “انه لن يدمر الاقتصاد العالمي بالتشدد تجاه السعودية في قضية خاشقجي ، لان السعودية ساعدت في إبقاء أسعار النفط منخفضة، وتعادي ايران ، وتحافظ على أمن “إسرائيل” ، لن يلغي عقود الاسلحة ، وان الولايات المتحدة تعتزم أن تبقى شريكا راسخا للسعودية”.
رغم ان هذه التصريحات تضع امريكا ، الدولة التي تدخلت في شؤون دول العالم اجمع ، عسكريا وامنيا واقتصاديا ، تحت ذريعة الدفاع عن حقوق الانسان ، في خانة اكبر دول العالم نفاقا وذلة وخسة ، الا انها تضمنت ما هو ابشع من ذلك ،وذلك عندما “اكد” ترامب انه : “ربما لن نعرف أبدا الحقائق المحيطة بجريمة قتل جمال خاشقجي” ، وهو ما يكشف تورط ادارة ترامب في جريمة القتل ، عبر محاولة اخفاء معالم الجريمة بهدف انقاذ المجرم.
بعد اليوم على ادارة ترامب ان تخرس ، ولا تتحدث عن حقوق الانسان ، التي حولتها الى ذريعة للتدخل في شؤون الدول الاخرى ، فعندما يقول ترامب : “إن العلاقة الأميركية السعودية أكثر أهمية من مسألة احتمال تورط ولي العهد في جريمة قتل خاشقجي” ، فانه يعري بذلك ، ليس ادارته فقط ، بل يعري تاريخ امريكا ، فاذا به تاريخ حافل بالكذب والنفاق ، جلب الويلات لشعوب العالم.
ان موقف ترامب من جريمة خاشقجي ، سيساهم في ايقاظ الحالمين بالديمقراطية الامريكية في ديارنا ، ليشاهدوا بأم العين حقيقة النظام السياسي القائم في هذا البلد ، الذي لم يظهر بهذا العري الفاضح ، الا في زمن الابناء البررة لهذا النظام ، من امثال ترامب وبولتون وبومبيو وكيلي.
ما قاله ترامب في تصريحاته ، اثارت حفيظة الامريكيين الذين ما زالوا يروجون ل”ديمقراطية” امريكا ، فظهروا وهم يشعرون بالعار ، فهذا الدبلوماسي السابق نيكولاس بيرنز يقول في تغريدات على تويتر ، ان بيان ترامبكان أكثر من مسبب للحرج ، انه مخز، فترامب يستشهد بالافتراءات التي قالها محمد بن سلمان ، حول عدم استطاعت امريكا أن تكون على خلاف مع الرياض بسبب أسعار النفط وايران!.
يبدو ان امريكا تستحق ان يحكمها شخص مثل ترامب ، فهذا البلد القائم اقتصاده على دماء الابرياء ، باعتراف ترامب نفسه ، يفرض الحظر على ايران على خلفية دعمها لليمنيين ، بينما الذي يقتل ويحاصر ويجوع ملايين اليمنيين هو السعودية ، يفرض الحظر على ايران على خلفية دعما للفلسطينيين ، بينما الذي يقتل ويحاصر ويجوع ملايين الفلسطينيين هو “اسرائيل” ، يفرض الحظر على ايران على خلفية محاربتها ل”داعش” والقاعدة والجماعات الارهاربية التكفيرية ، بينما تدعم وتقف الى جانب السعودية و “اسرائيل” ، اكبر داعمي “داعش” والقاعدة والجماعات الارهاربية التكفيرية.
مثل هذه الحالة المزرية التي تعيشها امريكا اليوم ، بسبب سياسات ترامب ، ستجلب لا محالة الخزي والعار لامريكا ، وهي حالة تستحقها امريكا ، التي طالما دست الخلافات المصطنعة في العديد من بلدان العالم ، لزرع الفوضى فيها واضعافها ، فاليوم تدور الدوائر ، وسينشب الخلاف بين اركان النظام الامريكي ، الذي سينشر ثيابه القذرة امام العالم ، على خلفية الخلاف بين بين يريد اظهار امريكا على حقيقتها ، وبين من يحاول التغطية على هذه الحقيقة .. اللهم اشغل الظالمين بالظالمين.
*فيروز بغدادي
انتهى