شفقنا-خاص- اخيرا عادت جماعة عبد ربه منصور هادي ، المدعومة من امريكا والسعودية والامارات ، الى المربع الاول ، مربع الحوار اليمني- اليمني من اجل تسوية الازمة اليمنية ، وهو المربع الذي طالما دعا اليه عقلاء اليمن وعلى رأسهم حركة انصار الله ، التي اكدت على حصر الحوار بين اليمنيين ، بعيدا عن تدخلات القوى غير اليمنية التي لا تريد خير اليمن واليمنيين.
هذه العودة لجماعة هادي ، جاءت بعد انهار سالت من دماء اليمنيين على مدى اكثر من اربع اعوام ، وبعد ويلات ومجاعات وخراب اصاب اليمن واهله ، على يد من وقع هادي في احضانهم منذ عام 2014 وحتى اليوم ، ظنا منه ومنهم ، ان بامكانهم ان يهيمنوا على اليمن ، خلال ايام او اسابيع على اكثر تقدير.
بالامس غادرت طائرة من مطار صنعاء وعلى متنها 50 جريحا يمنيا ، الى سلطنة عمان ،لتلقي العلاج ، اعتبرتها السعودية والامارات ومن ورائهما امريكا ، تنازلا من قبل جماعة هادي للشعب اليمني ، من اجل بناء الثقة وتمهيد الارضية لبدء مفاوضات السلام التي ستجري في السويد نهاية هذا الشهر ، بين انصار الله وجماعة هادي وداعميه من السعوديين والاماراتيين والامريكيين.
الملفت ان وزير الاعلام في حكومة هادي ، معمر الأرياني قال في تغريدة له ، ان الموافقة على نقل 50 جريحا الى مسقط تأتي “لتسهيل انعقاد المشاورات، وإزالة أي ذرائع يتذرع بها الانقلابيون للتملص من فرص السلام” ، مضيفا انه “لن يبقى أمام المجتمع الدولي والأمم المتحدة أي أعذار بعد أن قدمت الحكومة كل ما يمكن تقديمه من أجل الدفع بمسار التسوية السياسية للازمة اليمنية” مهددا من انه “إذا ما فشلت هذه الجهود فإن خيار الحسم العسكري سيكون هو الطريق الوحيد لانهاء معاناة شعبنا اليمني”.
المرء يقف مذهولا امام حجم هذا الصلف الذي ينخر عقول اعضاء جماعة هادي ، الذين لم تحرك فيهم كل المآسي التي يعيشها شعبهم جراء العدوان الوحشي على بلادهم ، فالارياني هذا يعتبر نقل 50 جريحا فقط!! ، الى خارج اليمن للعلاج ، بعد عدوان شرس شاركت فيه كل قوى الشر في المنطقة والعالم ، ضد الشعب اليمني على مدى اكثر من اربعة اعوام ، سقط فيها عشرات الالاف من الشهداء ، واضعاف هذا العدد من الجرحي ، و موت نحو 100 الف طفل ، وتجويع اكثر من 20 مليون انسان ، وتشريد الملايين ، بانها مبادرة انسانية ، تسحب البساط من تحت انصار الله والمجتمع الدولي ، وتسقط كل الذرائع لعدم المشاركة في المفاوضات !! .
هؤلاء الجرحى الخمسون ، كانوا ذريعة بيد جماعة هادي وداعميه ، لافشال المفاوضات التي كان من المقرر ان تجري بين انصار الله وبين هادي والسعودية والامارات في أيلول/ سبتمبر الماضي ، في جنيف ، بعد ان رفض معسكر العدوان تقديم ضمانات لوفد انصار الله بالعودة إلى صنعاء وإجلاء هؤلاء الخمسين إلى سلطنة عمان.
كل انسان ، حتى من تجرد من الكثير من القيم الانسانية ، يتمنى اليوم قبل الغد ان يكف المعتدون عن مواصلة عدوانهم على اليمن ، ويجنبوا اليمنيين المزيد من القتل والخراب والدمار والجوع ، الا ان طبيعة الاشخاص الذين يقتلون اليمنيين بذريعة الدفاع عن “شرعية” هادي ، لا تشجع على التفاؤل بنتائج مفاوضات السويد ، فهؤلاء الاشخاص الذين يعتبرون نقل 50مصابا!! من بين مئات الالاف من الاصابات ، تنازلا ومبادرة “كبرى” ، ترى كيف يمكن ان يصلوا الى حلول وسط لتسوية الازمة اليمنية خلال مفاوضات السويد ، والمعروف ان المفاوضات تعنى من بين ما تعني تقديم تنازلات ، وعدم فرض اي طرف وجهة نظرة على الطرف الاخر بشكل كامل.
الى جانب قضية الخمسين جريحا ، هناك شيء آخر يؤكد عدم جدية التحالف الامريكي السعودي الاماراتي ، ازاء المفاوضات والوصول الى حلول وسط للازمة اليمنية ، وهو استمرار القصف لمختلف مناطق اليمن من قبل قوى العدوان ،بينما من المقرر ان يغادر وفد انصار الله صنعاء الثلاثاء متوجها الى السويد.
الاخبار القادمة من اليمن تؤكد انه خلال الايام العشرة الماضية شن طيران العدوان أكثر من 350 غارة تركز معظمها على محافظتي صعدة والحديدة, إضافة الى القصف الصاروخي والمدفعي في لمحافظة الحديدة والذي أدى الى سقوط عشرات الشهداء والجرحى من المدنيين وتدمير عدد من المنازل وخاصة في الأحياء الشرقية والجنوبية للمدينة وكذلك استهداف القرى والتجمعات السكانية في الدريهمي وكيلو 16.
المراقبون للمشهد اليمني والاقليمي يرون في صمود الشعب اليمني الاسطوري ، وكذلك في مظلومية هذا الشعب ، وخاصة اطفاله ، السبب الرئيسي الذي قد يدفع الامريكيين الى الضغط على السعوديين والاماراتيين للانخراط في مفاوضات السويد بشكل جدي ، وإلا ستظهر ادارة ترامب ، لدى الرأي العامالامريكي والغربي ، متورطة في هذه الحرب الاجرامية بشكل مباشر ، شأنها شأن السعودية والامارات.
*جمال كامل
انتهى