شفقنا- قال معهد بروكينغز الأمريكي للبحوث والدراسات إن فرض عقوبات على المملكة العربية السعودية في إطار قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي، ليس أمرا كافيا.
وتقول تمارا كوفمان، مديرة مركز سياسات الشرق الأوسط في المعهد، “قد لا نعرف كل شيء عن ما حدث لجمال خاشقجي في اسطنبول في 2 أكتوبر/ تشرين الأول ، لكن ما نعرفه جيدا أن مسؤولين سعوديين أنجزوا المهمة بناءً على أوامر من رؤسائهم السعوديين، في مبنى دبلوماسي سعودي. تماما مثل التدخل في اليمن، مثل اعتقال النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، مثل اختطاف واستقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري”.
وتضيف كوفمان أن قتل جمال خاشقجي كان “عملاً حكومياً سعودياً” لافتة إلى أن ولي العهد محمد بن سلمان هو من يتحكم بزمام الأمور في هذه الحكومة بشكل مطلق. وتقول “لا مفر من مسؤولية الحكومة السعودية عن هذا العمل المروع”.
وترى كوفمان أن العقوبات ضد الأفراد الجناة بموجب قانون “غلوبال ماغنتسكي”، رغم أهميتها، إلا أنها غير كافية لمعالجة الأزمة في العلاقات الأمريكية السعودية التي خلقتها هذه القضية.
وتضيف قائلة إن “عمق هذه الأزمة واضح في موقف أغلبية أعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي الذين لا يرغبون الآن بالسماح لإدارة ترامب بالاستمرار بالعمل مع الرياض كالسابق”. وتشير كوفمان إلى موقف السيناتور الجمهوري البارز ليندسي غراهام الذي تقول إن بعض المسؤولين الأمريكيين قد يتفقون معه على أن ولي العهد السعودي “مهووس وخطير”، وأنه مثل “الكرة المدمرة” (للعلاقات الأمريكية السعودية).
وتتابع كوفمان القول إنه ورغم أن واشنطن لديها قدرة محدودة للغاية للتأثير على الرياض في قضية الحكم والخلافة. إلا أنه لحل هذه الأزمة في العلاقات بين البلدين، فإنه “يجب على الحكومة السعودية- سواء متمثلة بشخص بن سلمان أن غيره- تحمل المسؤولية، ودفع ثمن الأفعال التي ارتكبتها، وإظهار مسار جديد.
وتوضح في هذا السياق قائلة إن تحمل المسؤولية يعني أن على الحكومة السعودية أن تتوقف عن محاولة إلقاء اللوم على “قتلة مارقين” في جريمة خاشقجي، وتقبل أن تقع المسؤولية عن تصرفات ضباطها على عاتقها. وتضيف “كما اعتذر الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش عن الانتهاكات في سجن أبو غريب بالعراق، يجب على القيادة السعودية أن تعتذر لأسرة خاشقجي، وللحكومة التركية لسوء سلوكها الدبلوماسي معها، وللولايات المتحدة لاستهداف مقيمها الدائم (خاشقجي)”. وترى كوفمان أن ذلك قد يؤدي إلى تقليص الحملة التركية القوية لإحراج المملكة بمواصلة تسريب الأدلة التي تم جمعها حول عملية القتل.
تقول كوفمان إن الحكومة السعودية بقتل خاشقجي انتهكت قاعدة دبلوماسية قائمة منذ أمد بعيد وهي ألا تقوم الحكومات بملاحقة منتقديها على أرض أجنبية. وتشير في هذا السياق إلى قضية تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا، لافتة أن إدارة ترامب طردت على إثرها 60 دبلوماسيا روسيا وانضمت لها عواصم أوروبية. ونظرا لسوء استخدام المنشآت الدبلوماسية (القنصلية السعودية في اسطنبول) فيجدر على الولايات المتحدة والآخرين تخفيض عدد أو امتيازات الدبلوماسيين السعوديين في الولايات المتحدة.
وتقول كوفمان “إذا فشلنا في تطبيق هذه القاعدة، علينا توقع زيادة الاختراقات في هذا الشأن، فربما سنرى تركيا تقوم بإسال الأحماض إلى بنسلفانيا للقضاء على رجل الدين التركي فتح الله غولن”.
وترى كوفمان أنه لاستعادة العلاقة مع واشنطن، على السعوديين إثبات أنهم ملتزمون بتغيير المسار. وتفسر ذلك بالقول “تعتبر التحركات الأخيرة لتسهيل محادثات اليمن خطوة أولى جيدة، لكنها غير كافية. يجب على السعودية أن تضع حداً للحملة ضد شريكتها في مجلس التعاون الخليجي قطر، وأن تنشئ بدلاً من ذلك جبهة موحدة في الخليج العربي ضد إيران وتنظيم الدولة، ولإرساء السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. كما ينبغي إطلاق سراح الناشطات اللواتي اعتقلن في مايو/ أيار ويونيو/ حزيران، إلى جانب من طالبوا الحكومة بتلبية احتياجات وتطلعات الشعب.
انتهى