شفقنا- أدلى الدبلوماسي الايراني السابق حجة الاسلام موسوي خوئينيها أخيرا بتصريحات حول علاقة الامام موسى الصدر بالثورة الاسلامية في ايران وقال أن الامام موسي الصدر لم يكن يتماشى مع الثورة وكان يعتقد بانها لن تنجح لكن قوى وشخصيات ثورية ومناضلة قبل الثورة ومستندات ووثائق اخرى تدحض هذه الرؤية.
وكان موسوي خوئينها قد قال في حوار اجرته معه وكالة الجمهورية الاسلامية للانباء (ارنا) ونشرته مؤخرا “ان المرحوم السيد موسي الصدر، ولطالما كان سلوكه الظاهري يظهر، فانه لم يكن يتجاوب مع الثورة، ويبدو لي أن رايه في تلك الحقبة لم يكن مبنيا على ان النهضة التي بدات في ايران ستفضي الى نتيجة خاصة .”
واضاف موسوي خوئينيها في هذه المقابلة حول اقتراح طرح على الامام موسي الصدر باصدار مجلة “ان طلبنا الوحيد هو اصدار مجلة معتمدة تنشر اسبوعيا الاخبار المتعلقة بالنضال والمناضلين في ايران. واضاف ان الامام الصدر قال انه حريص على اصدار مجلة، ويتلقي طلبات بان يصدر هكذا مجلة، لكنه ومع ذلك لم يبد تعاونا في هذا المجال والسبب ربما انه لم يكن متفقا مع النضال الذي تشهده ايران”.
وأضاف الدبلوماسي الايراني السابق “التقيت بمصطفى تشمران (چمران) في لبنان وذهبنا للقاء موسى الصدر في مكتبه، ولكن تفاجأت من تحذير تشمران عندما قال لي بأن رئيس مكتب الصدر من عناصر جهاز (السافاك) المخابرات والأمن القومي الإيراني أو الشرطة السرية في عهد النظام الملكي الإيراني، ويجب أن لا يعرف من أنتم ولماذا أنتم هنا”. وأضاف خوئينيها بأن “بعد رفض موسى الصدر إصدار مجلة لدعم الثورة في إيران، طرحنا عليه أن تنشر المجلة فقط أخبار الحراك الإيراني ولا تنشر أي مواد أو مقالات ضد النظام الملكي الإيراني، ولكنه أيضا رفض ذلك وقد يعود رفضه إلى أنه لم يؤيد الحراك الثوري الذي تشهده إيران حينها”.
وفي هذه المقابلة أكد موسوي خوئينيها أنه “حتى الإيراني مصطفى تشمران كان يرى أن الصدر هو الشخص الأعلى من الخميني في العالم الإسلامي، وأنه لا يرى أي نجاح لصالح حراك الثوار في إيران وندمنا بعد هذا اللقاء على زيارة لبنان وقلنا في أنفسنا: نحن ماذا نفعل هنا؟”. وردا على سؤال عن عدم معرفتهم المسبقة بمواقف وأفكار موسى الصدر حول الثورة الإيرانية، قال موسوي خوييني: “السيد بهشتي (رئيس السلطة القضائية ورئيس مجلس الثورة ومجلس خبراء القيادة) كان صديق موسى الصدر ويعرفه من كان بمدينة قم، ولكن في الحقيقة لم أكن اعتقد أن موسى الصدر لن يقبل إلى هذا المستوى (المنخفض) بالتعاون معنا”. وأوضح خوئينيها بأن: “ما كنا نبحث عنه في إيران كان متناقضا مع مبادئ الصدر”.
وبخصوص شدة التناقض بين الصدر والخميني، قال موسوي خوئينيها: “بعد عودة الخميني ونجاح الثورة الإيرانية بأسبوع واحد، ترك مصطفى تشمران مساعد الصدر إيران وعاد إلى لبنان ولكن بعد مرور فترة وجيزة طلب الخميني من تشمران أن يعود إلى إيران”. وألمح إلى أن “في تلك المرحلة لم تكن الثورة الإيرانية بالنسبة للصدر مهمة، وزار إيران والتقى الشاه ولكن اللقاء كان بالنسبة لنا غريبا جدا وكنا دائما نطرح الأسئلة حول هذه الزيارة أو العلاقة”.
وقد بث موقع “خبر اونلاين” الالكتروني مقالا دحض فيه اقوال موسوي خوئينها واعلن ان المستندات والوثائق الموجودة حول الامام موسي الصدر وتواصله مع العناصر الثورية قبل انتصار الثورة الاسلامية في ايران تظهر عكس ما قاله موسوي خوئينيها.
واضاف “خبر اونلاين” ان اول واقوى وثيقة تعكس الرؤية الحقيقية للامام موسي الصدر تجاه النضالات الثورية في ايران هوالمقال الذي نشر بقلمه في 23 اغسطس 1978 في صحيفة “لوموند” الفرنسية أي قبل نحو ستة اشهر من انتصار الثورة الاسلامية في ايران على وجه التحديد.
وكتب الامام الصدر في هذا المقال الذي حمل عنوان “نداء الانبياء” ونشره قبل اسبوع من زيارته الرسمية الى ليبيا واختفائه هناك، يقول:
“ان النهضة الشعبية في ايران تختلف عن جميع الحركات المماثلة في العالم، لانها وضعت آفاقا جديدة امام الحضارة البشرية. لذلك، فمن المستحسن لجميع الحريصين والمحبين للقضايا المتصلة بالانسان والحضارة متابعة تطوراتها بدقة. ان نهضة الشعب الايراني ورغم التهم التي يوجهها النظام ضدها، تتمتع بتوجهات وجذور واهداف واخلاقيات اصيلة وسامية”.
“ان الثوريين في ايران لا ينحدرون من طبقة اجتماعية بعينها، بل هم من كافة شرائح واطياف الشعب الايراني: طلبة الجامعات والعمال والمتعلمين والدارسين وعلماء الدين و… فالكل يشاركون في هذه الثورة. ان الشعب الايراني يشارك في هذه الثورة بأجياله المختلفة. ان السوق والمدارس والمساجد في المدن وحتى اصغر القرى يساهمون في هذه الثورة”.
ومن العدل ان نقول ان منشأ هذه الحركة وايمانها وتطلعاتها يكمن في الاهداف الانسانية والاخلاق الثورية. ان الموجة التي تجتاح اليوم ايران تعكس قبل كل شئ رسالة الانبياء في أذهان الناس، الرسالة الاصيلة والصادقة للانبياء، قبل ان يطالها التحريف على يد اصحاب المذاهب والفرق والانتهازيين”.
وقد نشر النص الكامل للمقال في كتاب “الاديان في خدمة الانسان”.
نظرة على وثائق السافاك حول نشاطات الامام موسي الصدر
ان القاء نظرة على وثائق جهاز استخبارات الشاه (السافاك) والتقارير التي كان يرسلها من بيروت إلى طهران، تحكي قصة اخرى.
- تقرير السافاك عن دعم موسى الصدر لمعارضي الحكومة الايرانية
وجاء في الوثيقة رقم 213/173 للسافاك: “يبدو حسبما ذكرت مجلة الاسبوع العربي الصادرة في بيروت ان موسى الصدر قد خرج من الساحة السياسية اللبنانية وهو يقوم بزيارات للدول العربية بشكل اكبر. لكن هذا لا يعني تخليه بصورة مطلقة عن النشاطات السياسية في لبنان، بل ان موسى الصدر قد امضى معظم وقته في الفترة الاخيرة بالاهتمام بالتطورات الداخلية الايرانية ويدعم نشاطات معارضي الحكومة الايرانية”.
وجهة نظر مكتب السافاك: “1- ان مجلة الاسبوع العربي هي مجلة محايدة تقريبا في لبنان 2- ان دعم موسي الصدر لمعارضي الحكومة الشاهنشاهية لاسيما ارتباطه بالخميني وتوفير التسهيلات للنشاطات الاعلامية للخميني في لبنان هو امر مؤكد”.
– تقرير السافاك عن برقية الامام موسى الصدر الى الامام الخميني في النجف الاشرف
وجاء في الوثيقة رقم 992/213 للسافاك: “لقد كشف موسى الصدر يوم امس (20 مايو 1958) النقاب عن وجهه الخياني واعلن صراحة عن تعاونه وتماشيه مع روح الله الخميني وبعث ببرقية الى الخميني في النجف هي كالتالي:
“ان علماء المسلمين لجميع الطوائف في لبنان ينددون بالمذابح التي تنفذ في ايران ضد المواطنين وعلماء الدين والتي تناقض كافة المبادئ الانسانية، وخصصوا خطب يوم الجمعة الماضية لهذا الغرض، وفضلا عن ذلك بعثوا ببرقيات الى مراجع الدين في قم ومازالت من دون جواب، والجميع بانتظار اوامركم والتأكد من ذلك”.
وجهة نظر الدائرة العامة الثانية: لا يبدو مستبعدا ان تبدر مبدئيا هكذا اعمال خيانية من جانب موسى الصدر”.
– تقرير السافاك عن ارتباط موزعي البيانات مع الامام الصدر
وورد في الوثيقة رقم 254/213 للسافاك: “ان الكثير من البيانات الوطنية المضادة التي وزعت وتوزع في الزينبية والمناطق المختلفة من سورية والعراق والاماكن الاخرى، يتم طباعتها في بيروت وللعناصر التابعة للسيد موسى الصدر ضلع مباشر في اعدادها وطباعتها وتوزيعها. ان احد العناصر والاصدقاء المقربين من السيد موسى الصدر ويدعى كشميري مكلف بتوزيع البيانات في سورية. ان الشعارات الوطنية المضادة التي كتبت وتكتب ضد المقدسات الايرانية في المواقع الدينية على الجدران تتم على يد عناصر موسى الصدر واصدقائه. وبالرغم من انه تمت لمرتين ازالة الشعارات المناهضة للوطنية من قبل المسؤولين ذات الصلة وحتى انه تمت صباغة بعض المواقع، لكن تم ثانية كتابة الشعارات على الجدران وحتى انها ازدادت، وان جميع هذه الاجراءات تتم على يد عناصر السيد موسى الصدر الذي يقيم تواصلا دائما مع الخميني، وحتى ان البيانات التي يتم طباعتها وعليها صورة الخميني يتم اعدادها في بيروت وتحت اشراف عناصر موسى الصدر”.
كما اورد الموقع وجهات نظر المناضلين الثوريين في تلك الحقبة والذين كانوا قد ذهبوا الى سورية ولبنان لتلقي دورات تدريبية على حرب العصابات والنشاطات السرية وكانوا على صلة وتواصل مع الامام موسى الصدر. ووجهات النظر والتصريحات هذه هي على طرف نقيض من تصريحات واقوال موسوي خوئينيها.
وقد ذكرت مجموعة التاريخ الشفهي لمؤسسة الامام موسى الصدر لقاءات وحوارات اجرتها على مدى سنوات مع الاشخاص والوجوه المختلفة، ونشرتها على الموقع الالكتروني لمؤسسة الامام موسى الصدر. ومن بين هذه الشخصيات يمكن الاشارة الى اية الله محمد رضا ناصري امام جمعة يزد والمغفور لها المناضلة الثورية مرضية حديدجي (دباغ) وغيرهم.
وقال علي جنتي في مذكراته حول ايام الثورة عام 97 ونشرت في مجلة “همشهري داستان” العدد 42 في عام 2014:
“ولم يكن في دمشق مشكلة امنية تقريبا. ان اعضاء السفارة الايرانية ومنتسبي السافاك الذين كانوا هناك، كانوا يشعرون عندما يشاهدوننا باننا هربنا من البلاد لاسباب سياسية، لكن لم يكن بمقدروهم فعل شئ ما. ان الحكومة السورية ورجال امنها لم تكن لديهم مشكلة معنا لا بل كانوا يساعدوننا. وعندما جاء هاشمي الى دمشق في عام 1975، توجهنا معا الى لبنان وقدمني للامام موسى الصدر الذي اسس في لبنان حركة المحرومين”.
وبعد ذلك، قدم الامام موسى الصدر الدعم لنا واستخدم نفوذه لدى سلطات المنطقة لحمايتنا. فمثلا تحدث الى الحكومة السورية وتقرر ان تقوم وزارة الداخلية منح الاشخاص الذي قدمهم لها، تصاريح اقامة. وكنا نعطيهم جوازات سفرنا ويمنحونا تاشيرات اقامة. وحتى اننا التقينا بمعية الشهيد منتظري مع رئيس جهاز الامن السوري”.
النهایة