خاص شفقنا- كتب المحلل السياسي صابر تقي تبار في موقع “ديبلماسي إيراني” مقالاً تطرق إلى المظاهرات اللبنانية من زاوية جديدة كلياً جاء فيه: “يشهد لبنان في هذه الأيام احتجاجات شعبية واسعة النطاق على الأوضاع الاقتصادية السيئة والفساد والبطالة والعجز الحكومي في معالجة المشاكل، لكن ما يلفت الانتباه هو أن لهذه المظاهرات طابعاً خاصاً ألا وهو الطابع السلمي، إضافة إلى الفرحة البادية على وجوههم. إنها امتزجت بالموسيقي والحماس إذ أطلق عليها بعضهم الثورة الجميلة.
يجتمع الناس في الشوارع ويرقصون ويتغلبون على خوفهم ويأسهم، لضخ دماء الأمل في الحركة الاحتجاجية، إنهم قد حولوا سلسلة من ردود الفعل الإعتيادية اليومية في الساحة الخاصة من الحياة إلى لعبة احتجاجهم في الساحة العامة.
هيمنة الحكومة على الساحة رمز للهيمنة على السياسة والحياة العامة، لكنّ الناس قد تمردوا على هذه الهيمنة والرقابة من خلال تجاهل الممارسات الاعتيادية اليومية التي تقوم بوحي من العادات والتقاليد. ليس بالأعمال التخريبية والعنف، بل من خلال الجمهرة والتجمعات والاستمتاع باللحظة التي يعيشونها.
في لبنان نشاهد نوعاً من تمرد الحياة على أوضاع تسعى لإقصاء الناس من الساحة السياسية وطردهم منها، وان ما يكتسب أهمية للناس المحتجين هو التأكيد على التواجد والمشاركة في الساحة العامة.
شارك الناس متسلحين بالضحك والفرح والرقص في مسرحية السياسة، فتحدوا السياسة التي لوثها السياسيون بتكوين اللوبيات، وادخلوها إلى العلاقات الإعتيادية والحياة اليومية أي لحظات حياتهم الخاصة.
إن المُجتمع الفسيفسائي اللبناني يتميز بالتنوع القومي والثقافي والطائفي داخل الإطار السياسي والحكومي وتم تقسيم السلطة بين مختلف الفئات البرلمانية.
مادام التنوع والموازنة السياسية في صون وأمان، لا يمكن قمع المحتجين وهذا شاهد على أن هذه البقعة من الأرض إذا ما ابتعدت عن التدخل الخارجي ونفوذ الأجانب يمكنها أن تقدم نموذجاً لـ”التعايش رغم التمايز”، كي يتم تلبية مطالب المجموعات الاجتماعية وتتوفر الأرضية للمشاركة في مسارها المعترف به.
أجل يمكن أن تبقى هذه الثورة الجميلة، جميلة إذا بقيت بعيدة عن أيادي الأجانب.”
النهاية