شفقنا – قامت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية بإجراء تحليل معمق للكيفية التي يستغل من خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تويتر في ممارسة مهام الرئاسة، وقالت إن موقع التدوين المصغر مدفع بيد ترامب حيث يستقيظ مبكرا ليطلق منه النيران على خصومه المحتملين.
وأجرت الصحيفة مقابلات مع ما يقرب من خمسين من مسؤولي الإدارة الحاليين والسابقين، والمشرعين والمديرين التنفيذيين وموظفي موقع تويتر.
ويشير عدد من الكتاب في مقال مطول بلغ عدد كلماته نحو ستة آلاف كلمة عن الكيفية التي أعاد من خلالها ترامب تشكيل الرئاسة عبر أكثر من 11 ألف تغريدة.
ويشير كل من مايكل شير وماغي هابرمان ونيكولاس كونفيسور وكارين يوريش ولاري دوتشانان وكيث كولينز في مقال مشترك نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إلى أن الرئيس ترامب اعتمد على التغريدات في اتخاذ كثير من القرارات المصيرية، وأن لديه حسابا غنيا بالتغريد وإعادة التغريد.
ويضيف المقال أن ترامب يغرد وقتما يشاء وكيفما يشاء وأن مساعديه لا يمكنهم القيام بأي شيء حيال ذلك، موضحين أنه قام بتضمين موقع تويتر بالكامل في نسيج إدارته، حيث أعاد تشكيل طبيعة الرئاسة والسلطة الرئاسية، وأنه يعتبر تويتر بمثابة المدفع الرقمي وأنه يستمتع بإطلاق النار من خلاله.
تركيا وسوريا
فبعد أن تدخلت تركيا بشمال سوريا في الشهر الماضي، لم يعبر ترامب عن ردة فعله فقط من خلال اجتماعات البيت الأبيض، ولكن أيضا من خلال سلسلة من التغريدات المتناقضة.
البضائع الصينية
ويشير المقال إلى أن ترامب سبق أن أعلن من خلال تغريدة عن رفع الرسوم الجمركية على البضائع الصينية المقدرة بنحو ثلاثمئة مليار، في تصعيد للحرب التجارية المتواصلة بين أكبر اقتصادين في العالم، ما أسهم في تعميق التوترات بين البلدين.
سيادة إسرائيل
كما أن ترامب غرد في مارس/آذار الماضي باعترافه بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، تاركا جانبا أكثر من خمسين عاما من السياسات الأميركية في هذا السياق.
وكان ترامب مسرورا على العلن برد الفعل الذي أثارته تغريدته، وذلك عند قوله بعد عدة أشهر في أحد اجتماعات البيت الأبيض، “في غضون ثانيتين، أصبحت لدينا أخبار عاجلة”.
كبح ترامب
ويقول كاتبو المقال إن أحد كبار مساعدي ترامب أراد في وقت مبكر كبح عادة الرئيس على تويتر، حتى مع التفكير في مطالبة الشركة بفرض تأخير لمدة 15 دقيقة على تغريداته.
غير أن العديد من مسؤولي الإدارة والمشرعين أصبحوا يتقبلون تغريدات ترامب، وذلك بعد أن كان قد أطلق أحد عشر ألفا و390 تغريدة، وصاروا يتوافدون باقتراحاتهم إلى رئيس قسم التواصل الاجتماعي في الإدارة.
وتقول مستشارة البيت الأبيض كيليان كونواي -في إحدى المقابلات- إن الرئيس ترامب يشعر بالحاجة للتغريد مثلما يشعر المرء بالحاجة إلى تناول الطعام.
ويغرد ترامب أكثر من أي وقت مضى، ولعل الأسبوع الثاني من الشهر الماضي كان الأكثر ازدحاما، فقد أطلق فيه ترامب 271 تغريدة.
تغريدات عدائية
ويلجأ ترامب بانتظام إلى تويتر ليرسل تغريدات عدائية ضد أعداء متصورين، وهو في الواقع تجده يهاجم شخصا ما أو أكثر في أكثر من نصف تغريداته.
وتجري معظم هذه الهجمات في الصباح الباكر أو في وقت لاحق من المساء، وذلك عندما يكون السيد ترامب على الأرجح من دون مستشاريه.
وغالبا ما يقوم ترامب بتكرار تغريداته، فقد أطلق ألفا و159 تغريدة للمطالبة باتخاذ إجراء بشأن الهجرة والجدار الحدودي، و521 تغريدة بشأن التعرفة الجمركية.
امتداح نفسه
كما امتدح ترامب الدكتاتوريين في أكثر من مئة تغريدة، بينما كان يشكو من الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في أكثر من مئتي تغريدة وأعلن عن طرد بعض مساعديه أيضا من خلال تغريدات.
وأكثر ما استهدف ترامب في تغريداته ما يتعلق بالتحقيق بالتدخل الروسي في الانتخابات الأميركية والاحتياطي الفدرالي الذي لم ينحنِ أمام نزواته، والإدارات السابقة، والمدن بأكملها التي يقودها الديمقراطيون، والخصوم من الرياضيين الصريحين إلى الرؤساء التنفيذيين الذين يزعجونه.
كما امتدح ترامب نفسه في عدد من التغريدات وأشار إلى أنه يعتبر رئيس الجميع المفضل.
تغريد مبكر
وعادة ما يغرد ترامب أكثر ما يكون في الصباح، وذلك عندما يكون قاطنو البيت الأبيض يشاهدون قناة فوكس نيوز، حيث يحول الرئيس منصة وسائل التواصل الاجتماعي إلى ما أطلق عليه أحد المساعدين “السلاح النهائي للنشر الشامل”.
وأما تغريدات ترامب العدائية فحددها تحليل الصحيفة بأنها تتم ما بين الساعة السادسة صباحا والعاشرة صباحا، وهي ساعات يقضيها ترامب في الغالب دون حضور مستشارين.
ويستيقظ ترامب مبكرا ليشاهد بعض البرامج الإخبارية المسجلة في الليلة السابقة قبل أن يبدأ بإطلاق تغريداته المتلاحقة، وهو يفرح بالإعجابات التي تليها.
وفي الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة “يو غوف” لتقييم تغريدات ترامب اليومية، تبين أن الجمهور الأميركي ينظر بشكل سيئ إلى التغريدات التي تحصل على أكبر عدد من الإعجابات على تويتر، بينما ينظرون بشكل أكثر إيجابية للتغريدات ذات المشاركة الأقل.
وليست كل تغريدات ترامب سلبية، فبعضها أطلقها لامتداح آخرين، وهو أيضا يوظف تغريداته أداة في عملية إعادة انتخابه.
النهایة