شفقنا- في المسيرة المتزامنة مع الأول من يوليو/تموز حيث كان من المقرر أن يؤرخ كيوم لبدء تنفيذ مخطط “الضم” الإسرائيلي لأجزاء واسعة من الضفة الغربية، شارك ممثلون عن قوى اليسار الفلسطيني وغاب الفصيلان الكبيران؛ حركتا فتح وحماس، رغم دعواتهما المتواترة لتصعيد المشاركة الشعبية موحّدين في مقاومة المخطط الإسرائيلي.
وجاء هذا الغياب، إلا من بعض العناصر المحلية، وسط دعوات أطلقتها الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة الأحد لتشكيل جبهة وطنية موحدة تنتج عن اجتماع الإطار القيادي للفصائل الفلسطينية كافة، وإقرار برنامج عمل موحد يقاوم فرض السيطرة الإسرائيلية على أكثر من 30% من الضفة الغربية بما فيها الأغوار.
ودعت الفصائل إلى “تشكيل جبهة وطنية موحدة للمقاومة الشعبية ولإدارة الاشتباك الميداني، وتشكيل لجان حماية شعبية في الضفة الغربية للتصدي للمستوطنين وإجراءات الضم، إلى جانب تحريك الساحات الشعبية الخارجية في هذه المواجهة”.
من النهر إلى البحر شعار لا يزال يرفعه الفلسطينيون كمشروع وطني للتحرير (الجزيرة)
وفي حين دعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، اليوم الأربعاء، إلى أوسع حراك جماهيري للمشاركة بمسيرات استنهاض شعبية ضد مخطط الضم الإسرائيلي في الضفة وغزة والداخل وعدد من البلدان العربية والأوروبية. قال القيادي في الجبهة عمر شحادة إن “مخطط الضم” كشف عن عُقم مسيرة أوسلو، التي اتبعتها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية منذ اتفاقياتها عام 1993 وحتى الآن، و”كذلك عن جذرية المشروع الصهيوني القائم على شطب الحقوق الفلسطينية واختصارها في محميات تحت سطوة الأمن والاقتصاد الإسرائيلي”.
وعلى ضوء ذلك، دعا شحادة القيادة الفلسطينية إلى وضع ما وصفه “نقطة النهاية” في مسيرة وإستراتيجية أوسلو، واعتبر ذلك بداية لاستعادة المشروع الوطني الفلسطيني التحرري، وكذلك مسيرة الوحدة والمصالحة الداخلية.
وقال شحادة إن الشعب الفلسطيني اليوم أمام ثلاث مهمات عليه إنجازها، أولها المضي في مرحلة تحررية جديدة على أنقاض أوسلو، وبناء إستراتيجية وطنية جديدة تقوم على المقاومة والانتفاضة والوحدة في الميدان، ثم عقد انتخابات لمجلس وطني جديد يمثل 13 مليون فلسطيني في الوطن والشتات، ليتاح لهم الفرصة في تقرير سياسات جديدة تتبناها منظمة التحرير، بعد أن تغدو حقيقة ممثلا شرعيا ووحيدا لكل الشعب الفلسطيني.
مختلف فئات الشعب الفلسطيني في الضفة شاركت في مسيرة رفض مخطط الضم الإسرائيلي (رويترز)
وقال شحادة إن الدعوات لعقد إطار قيادي فلسطيني تسعى إلى وضع حد للسياسة الفلسطينية السابقة القائمة على التسوية السلمية مع إسرائيل “كخيار إستراتيجي”، وبناء على اتفاقيات أوسلو، ثم الذهاب إلى مرحلة جديدة بقيادة وطنية موحدة تمكن الشعب الفلسطيني من خوض نضاله بقوة وبأمان.
وفي الوقت ذاته، يعتقد شحادة أن إعادة صياغة العلاقات العربية والدولية على قاعدة البرنامج الموحد للفلسطينيين، وخاصة في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة بعاصمتها القدس، يجب أن يكون من أبرز مهام القيادة الموحدة المرجوّة.
ويحذر شحادة من أن استمرار الوضع الداخلي المقسّم لا يمكن أن ينجح أي جهد فلسطيني لمواجهة المخططات الإسرائيلية. وباعتقاده فإن القيادة الفلسطينية الآن أمام مفترق طرق؛ فإما تعمّق الاحتلال وتعمق الانقسام وتفتيت المشروع الوطني وازدياد مخاطر تهديد السلم الأهلي، وإما أن تبني إستراتيجية وقيادة وطنية موحدة على أنقاض مشروع أوسلو بعد التخلي عنه تماما.
فرصة كبيرة
الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي الذي كان قد دعا إلى تشكيل جبهة وطنية موحدة لمقاومة مخطط الضم أيضا، قال للجزيرة نت “لدينا فرصة كبيرة الآن على صعيدي توحيد الصف الوطني وإفشال مخطط نتنياهو”.
وحسب قوله فإن “هناك مؤشرات إيجابية نتابعها، ونأمل أن ينتج عنها تحول على صعيد المصالحة والوحدة الوطنية”.
لكنه، في الوقت ذاته، انتقد التقارير حول إمكانية إحياء المفاوضات الثنائية مع إسرائيل في حال أوقفت مخطط الضم، كما جاء في عرض فلسطيني كشفت عنه وكالة الصحافة الفرنسية مؤخرا.
وقال البرغوثي “إنه لا يجوز من السلطة الحديث عن مفاوضات وتبادل أراض، وهو الأمر الذي تستخدمه الحكومة الإسرائيلية لتشريع الاستيطان، وسيؤدي إلى امتصاص الغضب العالمي تجاه إسرائيل وإضعاف أية مقاومة فلسطينية لمخططات الاحتلال، وكذلك إضعاف حركة المقاومة التي تسعى لفرض العقوبات على إسرائيل”.
وتوافقا مع المؤشرات الإيجابية التي تحدث عنها البرغوثي، تسود لهجة تفاؤل حذرة لتقارب حمساوي-فتحاوي بعد الإعلان في رام الله عن مؤتمر صحفي عن بعد ظهر غد الخميس، يجمع عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب بنائب رئيس حركة حماس صالح العاروري.
وقد ثمن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجهود المبذولة في الساحة الفلسطينية لتحقيق الوحدة الميدانية وتنسيق فعاليات المقاومة الشعبية في الأراضي الفلسطينية والشتات. وأكد الرئيس عباس خلال لقائه بعضو اللجنة المركزية لحركة فتح اللواء جبريل الرجوب ضرورة الاستمرار في تجنيد كل الطاقات بين حركتي فتح وحماس وبقية فصائل منظمة التحرير الفلسطينية تحت علم فلسطين لإفشال مشروع الضم الإسرائيلي والتصدي للمخططات الإسرائيلية الهادفة لتدمير مستقبل القضية الفلسطينية.
تجاوب الرئيس
رغم ذلك، يقول القيادي في الجهاد الإسلامي بالضفة الغربية سعيد نخلة إن الدعوات من الفصائل الفلسطينية، وخاصة في غزة، لعقد اجتماع قيادي فلسطيني موحد على مستوى الأمناء العامين مع الرئيس صادقة، لكن تجاوب الرئيس محمود عباس وحركة فتح ضعيف.
وحسب نخلة فإن “الحل لهذه المعضلة أن تجتمع كل الفصائل بعد أن توجه الدعوة لحركة فتح عن طريق الجامعة العربية، وأن يعقد اجتماعها على أعلى مستوى قيادي سواء حضرت فتح أم لم تحضر”.
وحسب تقدير القيادي في الجهاد “يبدو أن الرئيس لا قناعة لديه بجدوى الاجتماع بقيادات الفصائل حاليا”.
وقال نخلة إن الاجتماع قد يخرج بخطة موحدة واضحة لمواجهة مخطط الضم، وخاصة على مستوى تصعيد المقاومة ضد الاحتلال. وجاء حديث نخلة متشائما على ضوء عرض العودة للمفاوضات من السلطة الفلسطينية.
وقال إن هذا سيضعف الموقف الفلسطيني، بينما التوحد في جبهة فلسطينية مع باقي الفصائل سيقويه خاصة مع الاصطفاف الدولي المعارض لمخطط الضم.
النهاية
