الخميس, مارس 28, 2024

آخر الأخبار

التأثير السلبي “للمشاكل الاجتماعية” على الأخلاق… بقلم الأستاذ هادي سروش

شفقنا-كتب حجة الإسلام والمسلمين هادي سروش سلسلة مقالات حول...

من وحي نهج البلاغة… «سلوني قبل أن تفقدوني»

شفقنا –  و من خطبة له (عليه السلام) و...

الإسراء والمعراج.. معجزة كبرى خالدة وتجسيد لعظمة الله تعالى

شفقناــ من أبرز أهداف الإسراء والمعراج، إعداد الرسول الأعظم...

مبدأ القيادة في فكر الإمام علي

شفقنا - مبدأ القيادة في فكر الإمام علي (عليه...

دراسة: أدمغة الإنسان تزداد حجما بمرور الزمن

شفقنا - وجدت دراسة أجراها باحثو جامعة UC Davis...

مسجد باريس الكبير يحض المسلمين على تقديم الدعم والمودة للمدرّسين

شفقنا - أعرب مسجد باريس الكبير، الخميس، عن “قلقه...

الأمم المتحدة: مكافحة الإرهاب تتطلب القضاء على الفقر أولا

شفقنا - أكد ليوناردو سانتوس سيماو ممثل الأمين العام...

الهجرة الدولية: أكثر من 63 ألف حالة وفاة أو فقدان مهاجرين في أنحاء العالم منذ 2014

شفقنا - سجلت منظمة الهجرة الدولية أكثر من 63...

مكمل غذائي شائع قد يكون قادرا على إبطاء عملية الشيخوخة

شفقنا - قال علماء إن مكملا غذائيا شائعا قد...

إسرائيل تضاعف الاستيلاء على أراضٍ في الضفة الغربية المحتلة خلال العام 2023

شفقنا - كشف الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، الخميس، عن...

الصحة العالمية تحذر من مغبة انهيار النظام الصحي بقطاع غزة

شفقنا - حذر مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس...

يونيسف: حوالي 1.7 مليون فلسطيني بقطاع غزة نزحوا داخليا

شفقنا - قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" إن...

بالفیدیو ؛ متظاهرون موالون لفلسطين يحتلون مكتبا حكوميا بلندن بسبب “تسليح إسرائيل”

شفقنا - احتل متظاهرون موالون لفلسطين مدخل إحدى الإدارات...

مجزرة غزة ؛ طحين…

شفقنا - طحين… مصدر : القدس العربی

حدیث الصور ؛ الأردن ينفذ 5 إبرارات جوية لمساعدات شمال غزة بمشاركة 3 دول

شفقنا - نفذ الأردن، الخميس، 5 إبرارات جوية لمساعدات...

حدیث الصور ؛ درنة الليبية.. إعادة إعمار وسط انقسام سياسي وحيرة الأهالي

شفقنا - بعد مرور نحو 6 أشهر على كارثة...

بالفیدیو ؛ أربعة قتلى طعنا في ولاية إيلينوي الأمريكية

شفقنا - قتل أربعة أشخاص من بينهم مراهقة وأصيب...

بالفیدیو ؛ من السويد.. “فلسطين كولا” مشروب غازي عوائده لدعم الفلسطينيين

شفقنا - أنتج شقيقان فلسطينيان يقيمان في مدينة مالمو...

بالفیدیو ؛ عقب عملية إطلاق نار أصيب فيها 3 مستوطنين.. جيش الاحتلال يغلق مدينة أريحا في الضفة

شفقنا - أغلق جيش الاحتلال الإسرائيلي، الخميس، كافة مداخل...

الجزيرة: حزب الله يستهدف مقر قيادة كتيبة ليمان

شفقنا - حزب الله اللبناني يعلن استهداف مقر قيادة...

الأناضول: ارتفاع حصيلة الضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة

شفقنا - أعلنت وزارة الصحة في غزة ان حصيلة...

آر تي: ارتفاع أسعار النفط بعد انخفاضها إثر صعود مخزونات الخام في الولايات المتحدة

شفقنا - صعدت أسعار النفط في تعاملات اليوم الخميس...

خاص- ماذا بعد قرار مجلس الأمن .. هل ينصاع الكيان للإرادة الدولية؟

خاص شفقنا- بيروت- تبنى مجلس الأمن الدولي قراره الأول الذي...

الجزيرة: أهالي الجنود المعتقلين يجتمعون مع نتنياهو اليوم

شفقنا - قالت هيئة البث الإسرائيلية إن أهالي الجنود...

من هم البشناق وماذا تعرف عن تاريخهم ومعاناتهم عبر التاريخ!

تقرير خاص- البوشناق أو البشناق (بالبوسنوية: Bošnjaci)‏ أي البوسنيون هم مسلمو إقليمي البوسنة والهرسك وجوارها ومناطقهم الرئيسية هي البوسنة والهرسك 43% وإقليم السنجق الواقع بين منطقتي كوسوفو ذاتية الحكم حالياً و‌الجبل الأسود ولا يزال السنجق تابعاً لصربيا حتى اليوم مع إن سكانه 87% من المسلمين.

 

ينتمى البوشناق في الأصل إلى السلافيين الجنوبيين لكنهم حين اعتنقوا الإسلام قبل وصول الفاتحين العثمانيين بحوالي قرن كامل وانتشر الإسلام بشكل واسع في منطقة البلقان خلال وجود العثمانيين، وبعد المجازر التي حصلت في البوسنة و‌ألبانيا بعد وقوعها تحت حكم الامبراطورية النمساوية بعد فترة من موقعة زنتا 1699 بين العثمانيين و‌النمسا و‌روسيا و‌بولندا هاجر الكثير منهم إلى تركيا الحالية و‌البلاد العربية جنوب المتوسط وأطلق الناس عليهم (البشانقة) أو (البوشناق) نسبة لبلادهم كما هاجر إليها عدد كبير من المسلمين في القوقاز (الشيشان، الشركس، الأرناؤوط، داغستان، أباظة …) خلال الفترة نفسها والحروب مع القيصرية الروسية ويتميز البشناق عن مختلف المسلمين في العالم بان الإسلام جنسيتهم وقوميتهم تمييزاً لهم عن العرق السلافي الذي كانوا ينتمون له قبل الإسلام وهذه مسألة فريدة في العالم تقريباً حين تصبح العقيدة: جنسية. ودخولهم في الاسم كإخوتهم الألبان الذين سبقوهم في اعتناق الإسلام قليلاً، ويعود ذلك في رأي المؤرخين لمرحلة سقوط القسطنطينية 1453 بيد محمد الفاتح ومنذ تلك الأيام أصبح الإسلام ميزتهم وجنسهم الذي فصلهم عن ماضيهم. فعرقهم الجديد أصبح مسلمون بين السلاف. وهم قوم ذوي بأس وشجاعة قبل سقوط البلقان بيد الدولة العثمانية. وبعدها وقد قدموا للخلافة العثمانية مساعدات كبيرة ساهمت في وصولها لأسوار فيينا بل وفتح بولندا 1672، والوصول إلى بحر البلطيق، الأمر الذي أجج حقد الإمبراطورية النمساوية وحلفائهم الصرب ودفعهم للانتقام منهم فيما بعد حين وقع العثمانيون معاهدة كارلونز 1699 مع الروس و‌النمسا و‌بولندا.

 

انتقل المسلمون البشناق إلى البلاد الإسلامية بعد معاهدة أدرنة 1829 وهاجروا إلى تركيا الحالية أول الأمر ومنها إلى بلاد الشام والتي كانوا يسمونها مثل إخوانهم من بلاد القوقاز بشام شريف وكانوا يخلعون أحذيتهم عند وصولهم لأول بلدة تتكلم العربية فيها، تبركاً بها لأنها بلاد الرسول محمد. ولا يزال يعيش في هذه المنطقة عدد كبير منهم سيما في سوريا (حلب حيث استوطنوا فيها أول الأمر وخاصة في بلدة حريتان ثم اتجهوا جنوباً إلى حمص، دمشق، حوران، واستوطن بعضهم بقاع مختلفة من الجولان السوري المحتل حتى اليوم) و‌لبنان حيث استقروا في المدن الكبيرة (طرابلس، بيروت، صيدا) و‌فلسطين (نابلس، جنين) و‌الأردن، ثم اتجه فريق منهم نحو مصر فبلاد المغرب ولا تزال حتى اليوم أعداد كثيرة معروفة (بوشناق) في تونس و‌الجزائر. كما توجد أعداد منهم اتجهت نحو المدينة المنورة و‌جدة خاصة. ولهم فيها شأن ثقافي وتجاري كما هي أحوالهم في كافة البلاد المسلمة التي لجؤوا لها جميعاً وقد ساهموا بقوة في الحياة الثقافية والعلمية والاقتصادية والسياسية حيثما حلوّا وعدد الشخصيات “الكبيرة” التي أثرت في البقاع التي استوطنوها كبير جداً (لا يمكن اختصاره الآن) ولعل أشهر شخصية تاريخية عرفتها بلاد الشام: الوالي أحمد باشا بوشناق الذي قضى على طموحات نابليون بالوصول لباريس عبر الأستانة من الشرق لا من الغرب. وقد رده على أعقابه في عكا سنة 1799 بمعونة السلطان محمود الثالث وحاميته واستغلاله عداء التجار والذين قدموا له المؤن اللازمة أثناء الحصار وقد لقب بأحمد باشا الجزار في أجزاء من بلاد الشام. ولاه السلطان بعد الموقعة الشهيرة ولاية دمشق مكافئة على مجهوده الحربي في عكا.

 

ومن أشهر الشخصيات البوشناقية السياسية في تركيا رئيسة الوزراء السابقة تانسو تشيلر وهناك العديد من الوزراء وأصحاب المناصب القيادية في معظم الأحزاب فيها ولهم وزن أكاديمي واقتصادي معروف، وهناك الدكتور عبد الرحمن بوشناق عضو مجمع اللغة العربية في عمان. وقائد الدفاع الجوي في مصر السابق اللواء كمال بوشناق وفي سورية تسلم العديد منهم مناصب قيادية وعلمية وإدارية رفيعة. في حلب ودمشق. وفي الأردن لهم نشاط علمي والأمر نفسه في الضفة الغربية ومختلف بقاع فلسطين المحتلة وخاصة في جنين ونابلس وقرى مختلفة في بقية بقاع فلسطين المحتلة منها قرية كفر مندا وقدموا كثيراً من الشهداء في نضالهم ضد الاحتلال ومقاومته حتى اليوم. والأمر كذلك في المملكة العربية السعودية ففيها شخصيات أكاديمية واقتصادية لها وزنها ومن أشهر الشخصيات المعروفة اليوم في المدينة المنورة المربي ومدير ثانوية طيبة لعقود طويلة الشيخ أحمد بوشناق 2009 عن 96 عام. والأمر قريب في الجزائر وعموم بلاد المغرب. ناهيك عن ولع الأجيال الجديدة منهم بالفن وشهرت العديد منهم بذلك في المغرب (غناوة) وتونس خاصة مطرب القدود الحلبية (لطفي بوشناق).

 

هناك جالية كبيرة تقدر بـ 2.000.000 في تركيا بينما تزيد الجالية البوسنية التي أجبرت على الهجرة لمختلف دول أوروبا الغربية و‌الولايات المتحدة وبعض الدول العربية بعد الفطائع العرقية التي شاهدا العالم كله تبث على الهواء عبر شاشات التلفاز لأول مرة في التاريخ، عن مليون بوسنوي. بعد انفراط الاتحاد السوفيتي السابق وموت الرئيس الأخير ليوغسلافيا جوزيف بروز تيتو وتولي السلطة سلوبودان ميلوشيفيتش حصلت عدة حوادث من أعمال التطهير العرقي عبر الجيش اليوغسلافي ومليشيات صربية تم انشاؤها لهذا الغرض تزعمها الطبيب النفسي الأمريكي الجنسية الصربي العرقية رادوفان كاراديتش الذي تسلمته قبل فترة قصيرة فقط محكمة العدل الدولية في لاهاي. وارتكبت القوات الصربية مجازر بحق البوشناق كما حصل في مذبحة سربرنيتسا شمال البوسنة في إقليم بيهاتش وغيرها من مدن يوغسلافيا السابقة. يوجد أيضاً بعض البوسنيون في مصر في قرية اوليله مركز ميت غمر محافظة الدقهلية ولكن عددهم قليل.

 

ومع ضعف الدولة العثمانية، احتلت قوات النمسا والمجر أراضي البوسنة، وعانى المسلمون كثيرًا في ظل هذا الاحتلال من عمليات التنصير والاضطهاد، ولم يرضخ المسلمون في البوسنة لهذه الممارسات الوحشية بل ثاروا على الحكم النمساوي عام (1900) بزعامة (علي فهمي جابيج) واستطاعوا أن يحصلوا على الحكم الذاتي في الجوانب الدينية عام (1909).

 

وقد تعرض مسلمو البوسنة في الحربين العالميتين (الأولى والثانية) إلى أشد حالات التعذيب والاضطهاد من جانب المسيحيين الأرثوذكس، كما تعرضوا أيضًا لأشد درجات العنف من المسيحيين الكاثوليك بعد الحرب العالمية الثانية على يد اليوغسلافي (تيتو) الذي قضى على أكثر من ربع مليون مسلم في الفترة من (1941-1945). ومع أنه سبق وأن وعدهم في حالة وقوفهم بجانبه في حرب التحرير الشعبية اليوغوسلافية-التي تكونت على إثرها دولة يوغسلافيا من أعراق البوشناق والكروات والصرب-وعد البوسنيين أن يمنحهم حقوقهم الدينية، فإنه وفور توليه الحكم صادر كل أوقافهم الإسلامية، وأغلق كل مساجدهم، وراح يحولهم من مواطنين أصليين إلى لاجئين، وطردهم خارج حدود الدولة.

 

واستمرت معاناة المسلمين البوسنيين من الاضطهاد والتضييق عليهم في ممارسة شعائرهم في يوغسلافيا-أبرز مؤيدي السوفييت-إلى أن انهارت الشيوعية في الاتحاد السوفيتي السابق، الأمر الذي هز كيان الشيوعية في أوروبا الشرقية كلها، بما فيها الاتحاد اليوغوسلافي، مما دفع المجلس النيابي الأول للأقليات الإسلامية في جمهورية يوغوسلافيا في أبريل (1990) إلى الإعلان عن دستور للمسلمين ينضم إليه جميع المسلمين في يوغوسلافيا.

 

فكرت البوسنة في أن تستقل بنفسها عن الاتحاد اليوغوسلافي على غرار الصرب والكروات، اللذان أرادا الاستقلال أيضًا عن يوغسلافيا، إلا أن صربيا ساندت مواقف صرب البوسنة في عدم الانفصال باعتبار أن المسلمين هم في الأصل من الصرب، واعتنقوا الإسلام خلال الحكم العثماني، وهذا الانتماء الديني المخالف لعقيدة صربيا (الأرثوذكسية) لا يستوجب إعطاء المسلمين الحكم الذاتي في يوغوسلافيا، ومن هنا بدأت الكارثة المسماة بحرب البوسنة بين الصرب والمسلمين.

 

لقد ذاق مسلمو البوسنة والهرسك أبشع أنواع التعذيب التي لم يشهد التاريخ مثلها من قبل على يد القوات الصربية، لدرجة أن جملة النساء المسلمات اللائي اغتصبن في العام الأول من حرب البوسنة والهرسك قد بلغت (50) ألف فتاة بحسب مصادر، وكثيرًا ما كان يجري هذا الاغتصاب بصورة جماعية، إضافة إلى ذلك أُزهق في هذه الحرب أكثر من 250,000 روح مسلمة، وقُتل 20,000 طفل، و8,000 مختفٍ قسريًا، وأكثر من مليون لاجئ مسلم، وهُدِّمت مئات المساجد والمنشآت الإسلامية من مدارس شرعية ومبان للمشيخة الإسلامية والأوقاف، كما أن الخسارة المالية تقدر بحوالي 300 مليار دولار.

 

ولم تدلل تلك الأرقام من المآسي التي عاشتها البوسنة، إلا عن حقد دفين من قِبل الصرب تجاه مسلمي البوسنة، وقد ظهر هذا جليًا في تصريح ” فيليبور أوسكويتش” وزير الإعلام في حكومة الصرب، حيث صرّح والحرب دائرة في البوسنة لوكالات الأنباء بالآتي:

هنا يأتي سؤال هام على الأذهان ألا وهو: أين كان دور الدول الإسلامية فيما حدث لمسلمي البوسنة؟!!

 

دور الدول الإسلامية تجاه مآسي البوسنة

 إذا كان التصريح السابق تعبيرًا عن الموقف الرسمي الصريح للصرب تجاه المسلمين، فهل كان للدول الإسلامية موقفٌ صريحٌ وواضحٌ ضد انتهاكات الصرب ضد المسلمين!! فالإجابة مع الأسف: لا!!

 

قامت بعض الدول الإسلامية بالمساعدة المادية بإرسال مساعدات وجمع أموال للبوسنة، وكذلك سحبت بعض الدول سفراءها من بلجراد عاصمة يوغسلافيا الداعم الرئيس لصرب البوسنة، وبالطبع لا يمكن نسيان خطابات الإدانة والقلق والاستنكار من الدول الإسلامية تجاه ما حدث في البوسنة، خطابات الإدانة والاستنكار كالتي نشاهدها اليوم تجاه أي كارثة تصيب بلدان المسلمين!!

 

كذلك عُقد مؤتمر طارئ لوزراء خارجية الدول الإسلامية في 16 يونيو 1992م بإسطنبول، وقد دعا المؤتمر الإسلامي الأمم المتحدة إلى القيام بدور أكبر من أجل إحلال السلام في البوسنة والهرسك، وأبدى المؤتمر في الكلمة الافتتاحية استعداد الدول الإسلامية لإرسال قوات عسكرية إلى منطقة الصراع في حال طلب الأمم المتحدة ذلك!!!

 

على إثر المجازر التي حدثت في الحرب، حثّ وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي الأمم المتحدة على بحث اتخاذ إجراء عسكري، إذا فشلت العقوبات الاقتصادية في وقف هجمات الصرب على جمهورية البوسنة والهرسك.

 

بدأ العدوان الصربي على البوسنة في أبريل 1992م، وبالتالي أصبح فرض عين على مسلمي البوسنة جهاد العدوان الصربي الخسيس، خاصة مع خذلان العالم أجمع تجاه المذابح والمجازر التي حدثت.

 

بلا شك إن وضع المسلمين في البوسنة قبل الحرب كان الأضعف لأنهم لم يكونوا مسلحين، ولم يكونوا مستعدين، ولم يكن خلفهم أي جهاز معين يمكن أن يمدهم بالمال والسلاح والتدريب، على العكس تمامًا فالصرب كانوا هم المسيطرين على الجيش اليوغسلافي إجمالًا، أما الكروات، فكرواتيا كانت تقف خلفهم وتمدهم بالسلاح، إذن الأضعف كانوا المسلمون، طالب المسلمون بتسليحهم للدفاع عن أنفسهم، فجاءت أوروبا وأميركا والعالم كله ففرضوا حظر توريد سلاح على يوغسلافيا بما فيها البوسنة والهرسك، لكن الصرب تمكنوا من الحصول على سلاح من يوغسلافيا بطرق غير مباشرة، والعالم كله كان يدري بذلك.

 

طالب مسلمو البوسنة باستثناء المسلمين من هذا الحظر ليتمكنوا من رد الهجمات الصربية الشرسة، ولكن ما من مجيب!! فشلوا في الحصول على السلاح، فطالبوا بالتدخل الدولي لحمايتهم من الصرب، لكن المجتمع الدولي رفض في البداية، فاستمرت الحرب ثلاث سنوات ومئات الألوف من الضحايا البوسنيين، لأن المجتمع الدولي في ذلك الوقت وتحديدًا أميركا-التي كانت بإمكانها أن تقول الكلمة؛ سواء بإلغاء الحظر على المسلمين في البوسنة أو بالتدخل لمنع الصرب من ارتكاب ما ارتكبوه-لم تتقدم بأي شيء.

 

وكما يقول القائل: كلما استحكمت حلقاتها فُرِجَت، استطاع مسلمو البوسنة في مقاطعة “بيهاتشي” تكوين نواة جيش للمقاومة تحت إشراف حكومة البوسنة، وحققت قوات المسلمين في البوسنة انتصاراتها رغم افتقارها للأسلحة التي حُظر توريدها لجمهورية البوسنة والهرسك من قِبَل الأمم المتحدة، وتمكن مسلمو البوسنة من استرداد بعض المدن، وعدد كبير من القرى ذات المواقع الاستراتيجية الهامة في البوسنة، ونتج عن هذه الانتصارات حصول المسلمين على المزيد من الأسلحة التي تركها الصرب، منها: الدبابات والمدافع الثقيلة وأسر مئات من جنود الصرب.

 

على ضوء هذه الانتصارات تغيّرت خريطة النزاع في البوسنة والهرسك، ودخلت المشكلة مرحلة جديدة.. ليكسب المسلمون مساحة كبيرة من تأييد الرأي العام العالمي إلى جانب الأراضي المحررة، وعلى إثر ذلك حددت الأمم المتحدة 6 مناطق آمنة داخل البوسنة يُمنع دخول قوات الصرب إليها، ولكن لم تلتزم القوات الصربية بذلك، وارتكبت مجزرة من أبشع المجازر التي نالت من مسلمي البوسنة وذلك في مدينة “سربرنيتشا“-إحدى المناطق الست الآمنة-في 11 يوليو 1995م. أعلن عقب تلك المجزرة البشعة محقق الأمم المتحدة في انتهاكات حقوق الإنسان استقالته؛ متهمًا الأمم المتحدة بالتخاذل في الدفاع عن البوسنيين.

 

على إثر مذبحة سربرنيتشا، اتخذت مجموعة الاتصال الإسلامية المكونة من وزراء خارجية كل من: مصر وتركيا وإيران وماليزيا وباكستان والسنغال والمغرب، قرارًا باعتبار الدول الإسلامية غير ملزمة بقرار حظر الأسلحة عن البوسنة. هذا القرار في رأيي قرار شجاع وجريء، ولكنه جاء متأخرًا جدًا وانتظره المسلمون طويلًا، انتظره المسلمون طويلاً لأنه جاء بعد مذبحة سربرنيتشا مباشرةً، ولا شك أن مذبحة سربرنيتشا كانت من البشاعة ما حرّك مشاعر البشرية جمعاء، ولكن أين كانوا من المذابح التي سبقت “سربرنيتشا” والتي حصدت أرواح مئات الآلاف من مسلمي البوسنة وجرحاهم واغتصاب النساء، هل كل هذا كان سرابًا لم يُرَ من قِبَل الدول الإسلامية!! حقًا لا أدري.

 

بعد القرار الجريء لمجموعة الاتصال الإسلامية، وعندما بدأ مسلمو البوسنة يقفون على أرجلهم بثبات وبدأ السلاح يصل إليهم بطرق معينة أصبح الأمر مختلفًا، وهنا رأينا التدخل قد حدث من قِبَل الولايات المتحدة-رأس الأفعى-، فقد نجحت المساعي الأميركية والأوروبية والروسية في دفع أطراف النزاع-خاصة الصرب-إلى الذهاب إلى مفاوضات سياسية انعقدت في القاعدة العسكرية “دايتون” بالولايات المتحدة الأميركية بين الأول والخامس والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني 1995م، حضر المفاوضات الرئيس اليوغسلافي الصربي ميلوزيفيتش والكرواتي توجمان والزعيم البوسني المسلم الراحل علي عزت بيجوفيتش-رحمه الله-.

 

بيجوفيتش

 

وأُجبر الزعماء في دايتون على أن يدخلوا إلى القاعدة العسكرية، وقُفلت عليهم الأبواب، ومُنع خروج الرؤساء إلى أن يوقعوا على الاتفاقية، ووقعوا بالفعل.

 

على كلٍ جاءت اتفاقية دايتون بنصوص غير مرضية للمسلمين، ولكن وقتها قال الرئيس البوسني الراحل عزت بيجوفيتش: إن اتفاقًا غير منصف خيرٌ من استمرار الحرب. فربما تهديد الصرب له بتصعيد المذابح على غرار مذبحة سربرنيتشا هو الذي اضطره للتوقيع على الاتفاق.

 

المصادر:صحف ومواقع

النهاية

مقالات ذات صلة