شفقنا- خاص- من المقرر ان يقدم النواب الديمقرطيون اليوم الاثنين لائحة اتهام للرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب، تتضمن التحريض على التمرد.على ان يتم التصويت على اجراءات عزل ترامب برلمانيا يوم الثلاثاء أو الأربعاء، على خلفية اقتحام الكونغرس يوم الاربعاء الماضي من قبل انصار الرئيس المنتهية ولايته.
سيف العزل، لا يطارد ترامب من قبل الديمقرطيين فقط، فقد نقلت شبكة “سي إن إن” الاخبارية، عن مصدر مقرب من مايك بنس نائب الرئيس، أنه لا يستبعد التوجه نحو تفعيل التعديل 25 من الدستور لعزل ترامب، وأنه قد يلجأ إليه في حال ازداد الرئيس تهورا.
وأشار المصدر إلى وجود بعض القلق لدى فريق نائب الرئيس من مخاطر قد تترتب على اللجوء إلى هذا الخيار، أو حتى التوجّه نحو محاكمة ترامب في الكونغرس، بسبب احتمال أن يتخذ الرئيس إجراءات متهورة تعرّض البلاد للخطر.
ترامب الذي يعيش اتعس لحظات حياته، تخلى عنه حتى اقرب المقربين منه وهو محاميه الخاص وكاتم اسراره ، ردودي جولياني، حيث ذكرت صحيفة واشنطن بوست، ان المحامين الذين دافعوا عن ترامب في المحاكمة الأولى، وبينهم جولياني، رفضوا ان يمثلوه هذه المرة، وتركوه يوجه مصيره بمفرده.
يبدو ان ترامب لم يتبق له سوى صهره جاريد كوشير، حيث اخذا، كما كشفت الصحافة الامريكية، يتصلان بحلفائهما من المشرّعين؛ لحثّهم على منع محاكمة الرئيس في الكونغرس، وأن كوشنر يطلب ممن يتواصل معهم إصدار بيانات ضد المحاكمة ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن دون جدوى.
العديد من المقربين من ترامب طالبوه بتقديم الاستقالة، فهي افضل له، من وجهة نظرهم، من المحاكمة والعزل، من اجل تضميد جراح البلاد، وحقنا للدماء، ومنع الانقسام والفوضى.
تناولت العديد من المقالات، الخاتمة المأساوية التي وصل اليها ترامب، وكل مقال تناول جانبا من حكاية هذا المصير الاسود والاسباب التي افضت اليه. ونحن بدورنا وضعنا اصبعنا على اهم الاسباب، من وجهة نظرنا بالطبع، والتي كانت وراء ما حدث لترامب، وهو الاستبداد بالراي، فالرجل كان عنيدا بشكل لا يوصف، ولم يكن مستعدا للعوده عن رايه ومواقفه حتى لو كانت شاذة ومرفوضة من الجميع.
ترامب بدا رئاسته في منع دخول مواطني العديد من الدول الى امريكا، كون هذه الدول سلامية. كما خرج دون عذر مقبول من العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وفي مقدمتها الاتفاق النووي مع ايران، الذي اعتبر انتصارا للدبلوماسية الدولية. كثف خطابه العنصري ضد السود والمسلمين والملونين في امريكا. طعن بمصداقية المحافل الدولية ، وحتى حلف الناتو، وقطع تمويل العديد منها، وخرج من بعضها. نقل سفارة امريكا الى القدس واعترف بالقدس عاصمة لاسرائيل. شن هجوما اقتصاديا على الاتحاد الاوروبي والصين. وفرض حصارا شاملا طال الغذاء والدواء ضد الشعب الايراني، بذريعة الضغط عل القيادة الايرانية للتفاوض معها على اتفاق نووي جديد يشمل البرنامج الصاروخي الايراني. اصدر اوامر باغتيال قائدي النصر على “داعش” الشهيدين قسم سليماني وابو مهدي المهندس، غدرا في وسط بغداد. دافع بشكل غير مسبوق عن ولي العهد السعودي رغم الاتهامات التي طالته بسبب القصف العشوائي للمناطق للسكنية في اليمن وقتل الصحفي جمال خاشقجي وسجن وتعذيب المعارضين. لم يتعامل بجدية مع جائحة كورونا ورفض اغلاق البلاد وارتداء الكمامة، الامر الذي تسبب بموت اكثر من 350 الف شخص واصابة الملايين. الضغط على الرئيس الاوكرني من اجل الحصول على معلومات تسيء الى منافسه جو بايدن. تورطه بعلاقات مشبوهة مع روسيا. تاييده وتشجيعه للجماعات العنصرية المتطرفة في امريكا. اكد وباصرار غريب على ان الانتخابات التي هزم فيها امام جو بايدن، مزورة، دون ان يقدم دليلا واحدا. ورفضه الاعتراف بفوز بايدن. ورفضه المشاركة في حفل تنصيبه. وفي الاخير تحريضه انصاره من الجماعات العنصرية والمتطرفة من اجل الهجوم على الكونغرس، والذي تسبب باكبر ازمة سياسية لامريكا في تاريخها المعاصر.
يبدو ان ترامب كان مصداقا لحديث الامام علي عليه السلام:”من استبد برأيه هلك”، فالرجل تم تحذيره ، من قبل المقربين منه ، من كل المواقف التي اشرنا الى جانب منها الان، الا انه لم يأخذ بنصيحة احد، وظل متشبثا بمواقفه وارائه بشكل لافت، حتى اصابه هذا الاستبداد بالراي بمقتل، فاصبح اليوم محصورا بين المحاكمة والعزل.
*فيروز بغدادي
انتهى