شفقنا- خاص- يبدو ان تنافس الادارات الامريكية ، جمهورية وديمقراطية، على خدمة اسرائيل، منذ تاسيسها، ولا يوجد استثناء في هذه القاعدة، من اجل إرضاء اللوبي الصهيوني ، صاحب النفوذ القوي في امريكا، خلق إنطباع لدى الاسرائيليين مفاده، ان على رؤساء امريكا تقديم مصلحة اسرائيل، اذا ما اصطدمت بالمصلحة الامريكية، وهو اصطدام نادر الحدوث، فالمصلحة الاسرائيلية هي في المحصلة الاخيرة، مصلحة امريكية، كما ان المصلحة الامريكية ، تبقى مصلحة اسرائيلية.
الاسرائيليون تمادوا في انطباعهم هذا ، حتى باتوا لا يتحملون وجود رئيس امريكي، لا ينفذ أوامر رئيس و زرائهم بحذافيرها ، دون اي نقاش، حتى لو كانت هذه الاوامر تنطلق من دوافع استعلائية وصلفة وغير منطقية، لا تحترم حتى وجود حيز بسيط من الحرية يمكن ان يترك فيه الرئيس الامريكي، ازاء اي قضية من قضايا الشرق الاوسط.
هذه الحالة الاسرائيلية برزت وبشكل لافت في واقعتين، الاولى عندما اراد الرئيس الامريكي السابق باراك وباما، التوصل الى اتفاق نووي مع ايران، رغم انه اتفاق كان هدفه الاول والاخير ازالة اي تهدد يمكن ان تتعرض له اسرائيل، الا ان رئيس وزرء اسرائيل بنيامين نتنياهو رفض مساعي اوباما وعارضها بشدة، حتى بلغت به الوقاحة والجرأة ان زار الولايات المتحدة عام 2015، ولم يلتق بالرئيس الامريكي اوباما، وذهب مباشرة الى الكونغرس الامريكي والقى هناك خطابا ضد الاتفاق وضد اوباما وسياسته ازاء ايران، بينما كان اعضاء الكونغرس يصفقون له وهم وقوف.
الحالة الثانية، هي التي اخذت تتبلور هذه الايام، بعد ان تحفظت ادارة الرئيس الامريكي الجديد جو بايدن على الاعتراف الامريكي بسيادة اسرائيل على الضفة الغربية والجولان، والتي تؤكد هذا الاعتراف بشكل علني، حيث بدات الصحافة الاسرائيلية المقربة من نتنياهو، تتحدث عن ضرورة تجاهل امريكا والقانون الدولي، وان تتعامل بطريقة “صهيونية” ، التي لا تتعرف باي قانون سوى القوة وفرض الامر الواقع.
فهذا أيال زيسر الكاتب الاسرائيلي المقرب من نتنياهو يكتب وبشكل صريح دون لف ولا دوران في صحيفة “إسرائيل اليوم” المقربة من نتنياهو: “تحسن إسرائيل صنعاً إذا ما عادت إلى طريق الصهيونية منذ الأزل، طريق بناء بيت إثر بيت ومستوطنة إثر مستوطنة دون انتظار الإذن أو الاعتراف الدولي. هذا سيأتي بعد أن تتقرر الحقائق على الأرض، ومرة أخرى، لن يكون ممكناً تغيير الواقع الذي خلقته إسرائيل بأفعالها”!!.
ويضيف زيسر:”ليس مهماً ما يقوله الأغيار، بل ما يفعله اليهود. وقبل ذلك، مهم بالفعل أن يتقرر ما الذي يريده اليهود في واقع الأمر: وجود وسيطرة على الأرض كلها، أم على كتل استيطانية ومناطق ذات أهمية أمنية فحسب؟ وهل تسعى إسرائيل لمنح المواطنة للسكان الذين يعيشون في هذه المناطق، أم إلى حل آخر بالتعاون مع الأردن أو مع السلطة الفلسطينية. ينبغي لنا في هذه الأثناء أن نتوجه للتطعيم، وينبغي مواصلة البناء، إذ إن طريق الصهيونية وبعدها دولة إسرائيل كان دوماً بالأفعال وليس بالتصريحات والأقوال”!!.
ويأتي زيسر بشاهد من التاريخ الاسرائيلي على مدعاه، ويقول :” بن غوريون هو الذي قرر منذ كانون الأول منذ 1949 اعتراض الأمم المتحدة التي قضت، كما يذكر، بأن تصبح القدس مدينة دولية، وأمر بنقل الوزارات الحكومية إليها. وبالمناسبة، لم يعترف أحد بإنجازات إسرائيل الإقليمية في حرب الاستقلال. وبعد سنوات طويلة منها، طالبت دول عديدة، بما فيها الولايات المتحدة أيضاً، بانسحاب إسرائيلي إلى خطوط التقسيم كأساس لحل وسط يتحقق مع العالم العربي. ولكن بن غوريون اصر على موقفه، والنهاية معروفة”!!.
يبدو ان اسرئيل، لم تعد تتحمل حتى وجود رئيس امريكي ، مثل بايدن، المعروف بدعمه اللامحدود لاسرائيل، وصاحب العبارات المشهورة:”لو لم تكن اسرئيل موجودة لاوجدناها”، و”انا صهيوني”و..، لمجرد انه على خلاف بسيط مع شخص نتنياهو، الذي اهان اوباما وبايدن اكثر من مرة، وليس مع اسرائيل، الامر الذي يؤكد ان الصهيونية، لا تتحمل حتى رئيس امريكا، اذا ما شعرت انه يحاول، ولو بالظاهر، ان يرسم له صورة اكبر من الصورة التي تريد الصهيونية رسمها له، كما يحاول بايدن ان يفعل، لذلك قد تبتلع الصهيونية بايدن، اذا ما أصر ان يرسم له صورة محترمة امام الصهيونية.
*فيروز بغدادي
انتهى