خاص شفقنا-ان إدارة بايدن إدارة ديمقراطية متعددة الجوانب. فمن ناحية، إن الديمقراطيين الجدد في عهد أوباما يتواجدون في إدارته، ومن ناحية أخرى، تعتمد إستراتيجية الديمقراطيين اليساريين في النظام الدولي على التفاوض باعتباره تقليدا للسلوك السياسي للحزب الديمقراطي في السياسة الداخلية والدولية. لطالما دافع الديمقراطيون، كممثلين عن قسم من المجتمع الأمريكي المتنوع، عن نهجهم السياسي في التفاوض واستخدام الدبلوماسية لتحقيق الأهداف والمصالح والأمن القومي الأمريكي.
على الرغم من أن الجمهوريين يعتمدون على التفاوض، إلا أن الخطاب السياسي الجمهوري يرتكز على استخدام لغة التهديد. لذلك عندما يتولى الديمقراطيون السلطة في البيت الأبيض، تبرز آلية النهج الدبلوماسي من خلال التأكيد على التفاوض. لكن ما يقصدون من التفاوض هو استخدام السياسة الخارجية لتقليل الإنفاق الأمريكي، لا سيما في مجال القوة الناعمة، بغية تحقيق أهداف محددة تم إتباعها بشكل مختلف في الإدارات السابقة. لقد تم التأكيد مرارا على أن إدارة بايدن ستكون مزيجا من إدارتي أوباما وترامب، وهناك الآن إمارات واضحة لهذه القضية. لأن بايدن اختار فريقا من الدبلوماسيين من بلينكن وسوليفان وبرن ومالي، وجميعهم لديهم تاريخ من التوجهات الدبلوماسية والأمنية ويدركون جيدا تعقيدات الدبلوماسيين الإيرانيين. ذلك لأنه تحدث معهم دبلوماسيون إيرانيون ويمكنهم التعرف عليهم بشكل أفضل.
هذا ويريد بايدن الحفاظ على تراث أوباما وتكوين نموذج من مجموعة خمسة زائد واحد، إذ يلعب في هذا النموذج نائب الرئيس دورا مهما، ويقوم بتنظيم أطرها، ومن جهة أخرى يريد الاستفادة من ترامب أي اللجوء إلى ممارسة أقصى العقوبات على إيران. اليوم لو ألقينا نظرة على الخطوات التي اتخذتها أمريكا واُعتبرت في إيران انسحاب أمريكي، لعرفنا بأنها تدل على نهج أمريكا في الاستفادة من تراث إدارة بايدن أي العودة إلى خمسة زائد واحد، وليس العودة إلى الاتفاق النووي. بمعنى ان أمريكا تسحب طلبها المنتهي عهده أساسا، حول استخدام آلية الزناد من الأمم المتحدة، وتزيل العراقيل التي وضعت أمام تردد المسئولين الإيرانيين في أمريكا، لكن في المقابل تقبل بدعوة الحلفاء والمنافسين الدوليين للعودة إلى المفاوضات، وبهذا تريد الحفاظ على تراث أوباما، ونظرا لتصريحات بايدن في مؤتمر ميونيخ فانه لا يريد التقليل من العقوبات على إيران، إنما يركز على عودة إيران للاتفاق النووي والتزاماتها، للوصول إلى اتفاق أقوى من سابقه.
حتى لو وافقت أمريكا على العودة إلى الاتفاق النووي وتخفيف بعض عقوبات على إيران، فإنهم يريدون مناقشة قضايا أخرى، مثل القوة الدفاعية لإيران، والقضايا الإقليمية، وحقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الملفات الخاصة بإيران جوهرية، لدرجة أنه بتغيير الرئيس في البيت الأبيض، لا يمكن حملها بسهولة. يجب الاعتراف أنه بهذه الخطوات، يحاول بايدن الاستفادة من تراث ترامب وأوباما وزيادة الاتصال بالحلفاء، وحتى توجيه منافسيه الدوليين أي موسكو وبكين نحو تحرك منسق مع الولايات المتحدة، فيما يتعلق بإيران.
صحيفة آرمان ملي
النهاية