شفقنا-خاص- حاول الرئيس الامريكي جو بايدن ووزير خارجيته انتوني بلينكن،من خلال تصريحاتهما ومواقفها،إزاء الاتفاق النووي مع ايران، الايحاء بانهما ليسا في عجلة من امرهما، في عودة امريكا الى الاتفاق، بل انهما وضعا ايران وامريكا في خانة واحدة، عندما دعيا ايران الى التراجع عن الاجراءات التي اتخذتها في تقليص التزماتها في الاتفاق النووي، قبل عودة امريكا الى الاتفاق، بينما بايدن وبلينكن يعلمان جيدا ان اجراءات ايران جاءت كرد فعل لانسحاب امريكا من الاتفاق وفرضها عقوبات شاملة على ايران شملت الغذاء والدواء.
بايدن وخلال حملته الانتخابية كان قد انتقد انسحاب الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي، معتبرا هذا الانسحاب بانه قرار خاطىء، كما وصف سياسة العقوبات القصوى ضد ايرن بانها سياسة فاشلة، وان هذه السياسة ستأتي بنتائج عكسية، حيث ستسمح لايران، في ان تطور وبشكل سريع برنامجها النووي، الذي نجح الاتفاق النووي، من التقليل من سرعته، ازاء رفع العقوبات الامريكية والاممية عن ايران.
يبدو ان هناك من اقنع بايدن، ان بالامكان ان يحصل على تنازلات من ايران، اذا ما استمر بسياسة الضغوط القصوى ضدها، وان ايران ستقدم هذه التنازلات، في حال استخدم لغة دبلوماسية معسولة، ولكن من دون ان يقدم لها شيئا على ارض الواقع، لانها تعاني من هذه الضغوط الاقتصادية التي اثقلت كاهلها.
في المقابل جاء الرد الايراني على لا مبالاة بايدن، بطريقة لم يتوقعها لا بايدن ولا اي احد من اعضاء ادارته، فاعلنت ايران انها لن تخطو الخطوة الاولى، وعلى امريكا ان ترفع العقوبات التي فرضها ترامب، وعندها ستتراجع عن تقليص التزاماتها، بل اتخذت اجراء في غاية الاهمية، وهو تعليق العمل بالبروتكول الاضافي، وهو يعني منع المفتشين الدوليين بتفتيش المنشات النووية الايرانية بشكل مفاجىء.
حتى هذا القرار الايراني تعامل معه بايدن بشكل غير جاد، الا انه تفاجأ يوم امس الاحد بموقف ايران قوي، اثبت ان ايران عاقدة العزم على ان تمنع بايدن من الصيد في المياه العكرة، عندما رفضت رسميا مقترحا أوروبيا لعقد اجتماع غير رسمي مع دول 4+1 بمشاركة الولايات المتحدة. حيث اكد بيان للخارجية الإيرانية إنه بناء على المواقف الأخيرة وإجراءات الولايات المتحدة والدول الأوروبية، فإن طهران تعتبر الوقت غير مناسب لعقد الاجتماع غير الرسمي الذي اقترحه منسق السياسة الخارجية الأوروبية جوزيف بوريل.
وأكدت الخارجية أنه لم يطرأ أي تغيير على مواقف وسلوك الولايات المتحدة، وان إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لم تتخل عن سياسة الضغوط القصوى التي بدأتها ادارة ترامب. واعتبرت تنفيذ الالتزامات من قبل جميع الأطراف في الاتفاق النووي لا يحتاج إلى تفاوض ومقايضات، وأن جميع المفاوضات تمت قبل خمس سنوات.
هذا الموقف الايراني جرد بايدن من اسلحته، حيث كان يعتقد ان ايران ستسارع بالمشاركة في الاجتماع الى جانب الامريكيين، الذين سيحصلون منها على تنازلات، فاذا بالرفض يأتي من ايران التي اوضحت ان الطريق إلى الاتفاق النووي واضح للغاية ويمر عبر إلغاء الولايات المتحدة عقوباتها غير القانونية والأحادية الجانب والعودة إلى التزاماتها.
وفي رده على الموقف الإيراني اللافت، قال البيت الأبيض إنه يشعر بخيبة، موضحا أن الإدارة الأميركية مستعدة للعودة للانخراط في الدبلوماسية بهدف تحقيق عودة متبادلة بشأن التزامات الاتفاق النووي، وان امريكا ستتشاور مع شركائها في مجموعة 5+1 بشأن أفضل طريقة للمضي قدما.
هذه التصريحات الامريكية المهادنة، ما كنا لنسمعها لولا الموقف الايراني، الذي اوصل رسالة في غاية الوضوح الى بايدن واعضاء ادارته، من ان الوقت الذي لم يكن في صالح ايران، فانه لن يكون في صالح امريكا ايضا، وان على بايدن ان يدفع ثمن مواصلته سياسة ترامب الخاطئة عاجلا ام آجلا.
*فيروز بغدادي
انتهى