خاص شفقنا-ان العلاقات الأمريكية الروسية تمر بأسوأ مراحلها، غير أنهما يحاولان إدارة هذه العلاقات وعدم السماح للتوتر بان يتجاوز مستوى خاص، على هذا من المتوقع ان تنخفض حدتها مستقبلاً، فان النظرة الواقعية التي يتبناها الجانبان تؤيد القول بان الحرب الباردة ليست مسيطرة على علاقاتهما، بل ان البلدان يتعاملان معاً بدلاً من التنافس، بينما كان التنافس في فترة الحرب الباردة هو سيد الموقف.
هذا وفي بعض الأحيان تشتد حدة التنافس بينهما، وتنتهي إلى التعارض، لكن مع هذا نشاهد استمرار التعاون الأمريكي الروسي، كما رحبا بإقامة اجتماع بين قادة البلدين، ويبدو ان يناير المقبل سيشهد إقامة هذا اللقاء. هذا وتحاول موسكو إحياء مكانتها كقوة عظمى على المستوى العالمي، لكنها لم تصل لهذه المرحلة، لان أهم مشكلة تعاني منها هي المشاكل الاقتصادية، مع ان هذا البلد حافظ على جوانب القوة في جميع أشكالها، لكنه اقتصادياً بعيد كل البعد عن دائرة التنافس، ذلك ان اقتصاده يعتمد على النفط والغاز، ولم يتمكن لحد الآن من توسيع قدرته في المجال الاقتصادي. إذ لم يكن حتى ضمن 15 أفضل اقتصاد في العالم، ولهذا يحاول التعويض عن هذا النقص في الجوانب السياسية والأمنية والعسكرية، حتى يتحول إلى قوة دولية في كافة المجالات، وهذا الأمر يشكل أحد أسباب التوتر مع أمريكا، لهذا يبحث بوتين عن تحقيقه بشكل خاص.
هذا وعلينا ان نعرف بان روسيا تعارض نزعة أحادية الجانب على المستوى الدولي كما تنتهجها أمريكا حالياً، وتدعو الصين والهند إلى تبني تعددية الجوانب بمحورية الأمم المتحدة، هذه القضية تشكل أساس التعارضات المتعددة على مستوى العلاقات الدولية لروسيا.
عند النظر إلى العلاقات بين أمريكا وروسيا نرى بأنها تمر بأسوأ مراحلها، والسبب في زيادة التوتر هو توجهات بايدن من جهة وسياسات بوتين، في التعامل مع أوكرانيا ومنطقة القرم، من جهة أخرى، إذ جعلت الطرف الثاني يقوم بردة فعل، بحيث تحاول أمريكا استغلال قضية المعارض الروسي نافالني وتقوية الانتماءات الغربية المعارضة لبوتين داخل روسيا، وكذلك تشجع الدول الغربية لطرد الدبلوماسيين الروس من أراضيها كي تمارس الضغط على روسيا.
هناك الكثير من المشاكل التي يواجهها الاقتصاد الأمريكي، إذ تركت تأثيرها على السياسة الخارجية الأمريكية وعلى دور القيادة والتنافس مع الصين وروسيا، إذ نرى ان جائحة كورونا وتداعياتها مثلت أهم مشكلة اقتصادية أرغمت الحكومة على ضخ مبلغ 1.9 تريليون دولار للإسراع في تبني خطة لإنعاش الاقتصاد، للتعويض عن تداعيات تفشي كورونا، إذ لم تبق تلك التداعيات منحصرة في إطار الاقتصاد الأمريكي، بل تترك تأثيرها على الاقتصاد العالمي. إضافة إلى هذا، فأنها ترى الصين متقدمة عليها في مجال مواجهة جائحة كورونا. في ظل هذه الظروف يحاول قادة أمريكا، الحديث عن التوترات مع الصين وروسيا لإلهاء الناس وإبعاد نظرهم عن المشاكل الاقتصادية، وتركيز اهتمامهم على المشاكل الخارجية، إذ تعاني أمريكا داخلياً من مشاكل حقيقية.
موقع شورای راهبردی
النهاية