خاص شفقنا-عندما تخرج، على وجه خاص، قوة سياسية أو عسكرية من منطقة ما، فان أول ما يحدث هناك هو الفراغ الذي تتركه تلك القوة. يتم سد هذا الفراغ في بلد مثل أفغانستان، وبسبب موقعها الجغرافي، بسرعة بواسطة قوات أخرى، كما برهن التاريخ على هذا الأمر وسيثبته مستقبلاً، فعندما واجهنا انهيار الاتحاد السوفيتي، سدت بعض القوى الإقليمية أو الولايات المتحدة الأمريكية، الفراغ الناجم عن خروج الاتحاد السوفيتي من المنطقة، وحلت محله بسرعة، اليوم تشهد أفغانستان، وعلى وجه التحديد خروج القوات الأمريكية من هذا البلد، هذه الحالة، إذ يحدث خروجها هذا الفراغ.
في هذه الفترة الزمنية، ترى الإدارة الأمريكية بان قرار خروج قواتها من أفغانستان قرار صائب، ولا يترك أي فراغ، وتريد من الخروج الصائب هو ان أفغانستان حكومة وشعباً بلغا مرحلة، يعد بإمكانهما تأسيس جيش يصبح بإمكانه السيطرة على البلد، وهذا الجيش يمكنه ان يواجه التهديدات التي تظهر داخل البلد، ومن جهة أخرى تستمر الإدارة الأمريكية بتقديم دعمها في مجال التدريب والأسلحة، وكذلك التمويل، وبهذا تقدم دعمها للجيش الأفغاني.
تلك القضية جعلت الإدارة الأمريكية تتأكد بان خروجها لن يحدث أي مشكلة، ولا يترك أي فراغ يقوم الآخرون بسده، لكن الحقيقة وما يجري على ارض الواقع، يعارض هذه الآراء ويختلف معها اختلافاً، فاليوم هناك جماعة طالبان والصين وبعض الدول المنافسة للإدارة الأمريكية التي تعمل في الساحة، وتبذل مساعيها كي تملأ الفراغ الناجم عن خروج القوات الأمريكية، وفي هذا الإطار علينا ان نعرف بان الصين هي القوة العالمية الوحيدة التي لديها حدود برية مع أفغانستان، وهذه القضايا تجعل من المؤكد بأنه بعد خروج القوات الأمريكية من أفغانستان، يحدث الكثير من القضايا، لكنه ليس من الواضح بأنها تصب في مصلحة أي بلد، وهذه القضية تشكل معادلة تظهر ملامحها مستقبلاً.
غني عن القول بأنه لو أرادت حركة طالبان ان تدخل في إطار عملية سلمية في الساحة السياسية والحكومة، عندها يتم التقليل من القلق فيما يتعلق بانعدام الأمن، ومرد هذا نفوذها في أفغانستان، إذ مازالت عدة ولايات تخضع لسيطرة حركة طالبان، فاليوم تحولت الجماعة من تهديد إلى قوة يمكن السيطرة عليها، ولهذا وفي حال حدوث حالات من عدم الاستقرار في أفغانستان، تتوفر الأرضية للدول الأخرى، على هذا لو دخلت جميع التيارات والأحزاب السياسية في العملية السياسية في أفغانستان، عندها يمكن النظر إلى خروج القوات الأمريكية بنظرة إيجابية، لكنها لو سببت حالة من انعدام الأمن وعدم الاستقرار، عندئذ يترك هذا الأمر تأثيره السلبي على الشعب الأفغاني والمنطقة بأسرها.
صحيفة آرمان ملي
النهاية