شفقنا -من أغرب المفارقات المغفول عنها، والتي لا يخلو منها زمان ولا مكان عبر امتداد المسيرة البشرية، هي تلك المظالم التي يمارسها الإنسان وينساها، في حين انه شديدُ المواخذة لغيره متى ما مارس مظلمة من المظالم بحقه!
والسؤال الآن: لماذا هذا التهاون في خصوص ما يجترحه من المظالم واستعار الغضب والنقمة على ما يجترحه الآخرون؟ وكيف أصبحت المظالم (حلالاً) له في حين أنها (الحرام) الصارخ من الآخرين؟
-2-
ونقرأ في كتاب الله العظيم قوله تعالى : (ولو يواخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمَّى) النحل / 61
إن ألوان الظلم التي يمارسها الإنسان كثيرة، وهي ليست مما يختص به فريق دون فريق. فهناك الظلم العقائدي وبه يظلم الإنسان ربّه، وأيُّ ظلمٍ أكبر من الجحود؟
وهناك الظلم الاجتماعي ابتداءً بالظلم داخل الأسرة، وامتداداً إلى المظالم الاجتماعية الموجودة في الشوارع والأسواق والدوائر والمؤسسات وفي مختلف القطاعات وسائر النواحي والجهات.
وهناك ظلمُ الإنسان لنفسه الناشئ من الغرور والكبرياء والجهل.
إن كل معصية من المعاصي هي في الحقيقة إساءة كبيرة إلى النفس، حيث يثقلها العاصي بالصفحات السوداء، وللصحائف السود عواقبها الوخيمة وعقوباتها الأليمة. إن الله تعالى ليس بظلاّم للعبيد ولكنّ الناس أنفُسَهم يظلمون.
-3 –
ومن لطف الله تعالى ورحمته بعباده انه لا يعاجلهم بالعقوبة ولماذا يعاجلهم؟ وهل يفوته أحدٌ منهم؟ انه لا يعاجلهم رحمةً بهم، حيث ترك لهم باب التوبة والإنابة.
وكما قال تعالى : (وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب …) الكهف / 58
-4-
ومن مواسم العتق الإلهي من النار هذا الشهر العظيم، شهر رمضان، فانّ الشقي من حُرم غفران الله فيه. انه الفرصة الثمينة التي يجب ألا تُضيّع بحال من الأحوال، ومتى ما أقبل العبد على ربه بالتوبة أقبل عليه الله بالغفران.
اللهم وفقنا للتوبة والإنابة، واغفر لنا وارحمنا، انك أنت التواب الرحيم.
حسين الصدر
Husseinalsadr2011@yahoo.com
————————–
المقالات المنشورة بأسماء أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–
النهاية