شفقنا-خاص- نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الامريكية عن مصادر في وزارة الدفاع الامريكية، عن قرار اتخذته ادارة الرئيس الامريكي جو بايدن بسحب انظمة الدفاع الجوي الامريكية، “الباتريوت” و”ثاد”، من السعودية والعراق والاردن والكويت، ونقلها الى امريكا بغرض الصيانة، وفقا للصحيفة.
اللافت ان الصحيفة ذكرت ان القرار يتم تنفيذه منذ بداية شهر حزيران/ يونيو الحالي، اي ان عملية سحب هذه المنظومات تجري على قدم وساق، الامر الذي اثار العديد من التساؤلات حول الاسباب الحقيقية التي دفعت امريكا الى اتخاذ مثل هذا القرار، لاسيما ان ذريعة الصيانة لم تقنع اغلب المراقبين.
اللافت ايضا ان قرار سحب منظومات الدفاع الجوي، تجري في الوقت الذي تخوض فيه بعض الدول ، مثل السعودية، حربا ضد اليمن منذ كثر من 6 سنوات، ومازالت هذه الحرب قائمة، بل ان مخاطرها اخذت تتسع، مع تمكن القوات اليمنية، من قصف اغلب مناطق السعودية، وخاصة القوعد العسكرية والمطارات والمنشات النفطية، الامر الذي يجعل وجود مثل هذه الانظمة امرا في غاية الاهمية بالنسبة للسعودية.
بعض المراقبين يعتقدون ان النفط في منطقة الخليج لم يعد ذات اهمية بالنسبة لامريكا، بعد اكتشاف النفط الصخري في امريكا، الامر الذي جعلها من الدول المصدرة للنفط عالميا، وهو ما افقد المنطقة اهميتها بالنسبة لامريكا.
وهناك من يرى، ان أولويات امريكا تجاوزت منطقة الشرق الأوسط و تحولت إلى الشرق الأدنى، بهدف مواجهة الصين، القوة الاقتصادية و العسكرية الصاعدة، والتى تنافس امريكا على قيادة العالم مستقبلا، لاسيما بعد ان قامت الصين ببناء قوة عسكرية ضخمة، رأت فيها امريكا تهديدا لحلفائها مثل اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين وتايوان، وأستراليا.
وهناك رأي اخر يرى، ان الدافع الحقيقي وراء هذا القرار، هو اقتصادي بحت، فأمريكا تعتقد انها الطرف الاكثر ضررا من الناحية الاقتصادية في علاقاتها مع هذه الدول، فهي تحافظ عليها وتحميها، ولكن من دون ان تحصل في المقابل على مردود مادي منها التي تحولت الى عبء عسكري و أمني و مالي و أخلاقي عليها.
يبقى هناك راي أخير، وهو الاكثر قربا من السبب او الاسباب الحقيقية وراء سحب منظومات الدفاع الامريكية، وهو الرأي القائل ، ان الوجود لامريكي في المنطقة يواجه مقاومة شرسة من قبل شعوب المنطقة، التي ترى فيه تهديدا لأمنها واستقرارها وثرواتها، حيث تعرضت القوات الامريكية في المنطقة لهجمات اسفرت عن مقتل العديد من الجنود الامريكيين، ولم تتمكن امريكا في المقابل من ردع الجهات الرافضة لوجودها، الامر الذي بات يستنزف سمعة امريكا، بوصفها القوى الاعظم في العالم، كما يستنزف جانبا كبيرا من امكانياتها الاقتصادية والسياسية ايضا، وهذا السبب بالذات هو الذي دفع امريكا لاتخاذ قرار سحب منظوماتها الدفاعية المتطورة من المنطقة، وهو قرار من المتوقع ان يكون مقدمة لقرار اكبر، هو قرار سحب القوات الامريكية من المنطقة كليا.
اخيرا، وامام هذه السياسة الامريكية المتقلبة، لا يبقى امام دول المنطقة من خيار، الا خيار وضع خلافاتها جانبا، وترجيح مصالحها على مصالح القوى الاجنبية، والتفكير جديا في الوصول فيما بينها الى صيغة من العلاقة تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون بعضها البعض، مما يجعل المنطقة في غنى عن وجود اي قوة اجنبية لا تفكر الا بمصالحها، ولا تسعى لخير المنطقة وخير شعوبها.
*فيروز بغدادي
انتهى