خاص شفقنا-شهدت منطقة شمال إفريقيا في السنوات المنصرمة تطورات مهمة ومصيرية وقد حملت في طياتها نتائج وتداعيات عديدة ومنها رغبة البلدين العربيين الكبيرين وهما مصر والجزائر في لعب دور كبير في الساحة الإقليمية والدول الجوار لهما.
ان تلك الرغبة التي يتابعها قادة البلدين بأهداف ودوافع مختلفة، أدت إلى ظهور أسباب التوافق أو التنافس بين البلدين في قضايا مهمة ومؤثرة مثل ملف ليبيا وتونس والإرهاب والتطبيع مع الكيان الصهيوني، وهذا الأمر كان السبب في ظهور منعرجات كثيرة في العلاقات بين مصر والجزائر في السنوات الأخيرة رغم العلاقات الوطيدة التي كانت تجمعهما سابقا. تاريخيا تعود العلاقات بين البلدين إلى حقبة عبد الناصر ودعم القاهرة لنضال الشعب الجزائري بوجه الاستعمار الفرنسي، إذ كانت الحكومة المصرية آنذاك من الداعمين لجبهة التحرير، وتقدم الدعم المالي والعسكري والإعلامي لها، كما كان يقطن عدد من كبار الحركة في مصر، بالرغم من هذا الأمر، كان قادة الثوار في الجزائر يبتعدون عن بناء علاقات وطيدة بمصر حتى لا يتحولوا إلى عملاء لأجهزة الأمن المصرية.
قد شهدت العلاقات بين البلدين بعد انتصار الثورة الجزائرية بعام 1962 وتسلم بومدين مقاليد السلطة، مرحلة جديدة في تاريخها، فمن جهة كان التشابه بين النظامين الحاكمين في البلدين وسيطرة الجيش على مقاليد الأمور، يشكل سببا في بناء العلاقات الودية بينهما، ومن جهة أخرى فان الطموحات السياسية وتعارض المصالح والتعارضات الأيديولوجية، كانت تجعلهما ينظران إلى بعضهما البعض بعين المنافس.
في السنوات التالية وبعد انخفاض دور مصر في العالم العربي بسبب معاهدة كمب ديفيد بعام 1978 ووفاة بومدين، دخلت العلاقات بين البلدين في مرحلة جديدة، إذ كانت مؤسسة على التعاون الثنائي في القضايا المشتركة مثل الحرب ضد الإرهاب، وذلك في التسعينات من القرن المنصرم، وقد حافظ البلدان على هذا المستوى من العلاقات حتى عام 2019 إذ أدى تدخل مصر في الأزمة الليبية وتقاربها من التحالف العربي إلى ظهور بعض الخلافات بين البلدين.
ولما كانت هناك الكثير من القضايا تشكل القواسم المشتركة بين البلدين ومنها التاريخية واللغوية والثقافية وكذلك النضال ضد الاستعمار، فهناك علاقات وطيدة تجمع البلدين، ففي مجال السياسة الخارجية هناك قضايا تجمعهما وتشكل الأرضية للتعاون بين البلدين، ومنها:
عدم احداث تغيير في أنظمة المنطقة السياسية، إذ ترى كل من مصر والجزائر بان تسلم الثوار أو الجماعات الإسلامية مقاليد السلطة في المنطقة، يشكل تهديدا لاستقرار المنطقة، على هذا يؤكدان على ضرورة الحفاظ على استقرار الأنظمة السياسية في شمال إفريقيا. أما القضية الثانية فهي مكافحة الإرهاب، إذ ينظر البلدان إلى هذه القضية كونها إحدى أولوياتهما والقضية الثالثة التي توحد بين الجانبين تتجلى في تعزيز التواجد في قارة إفريقيا.
أما عند النظر إلى القضايا الخلافية التي تبعد البلدين عن بعضهما البعض فنرى ان قضية ليبيا تأتي على رأس تلك القضايا، إذ تثير توجهات الحكومة المصرية تجاه الأزمة الليبية وخاصة دعمها الواسع لخليفة حفتر، غضب الحكومة الجزائرية. هذا ويشكل الإسلام السياسي القضية الخلافية الثانية، فالجزائر واعتمادا منها على خبرة الحرب الأهلية في هذا البلد وكذلك خبرة السلام مع هذه التيارات والتعامل البناء معها، لديها علاقات جيدة بالجماعات الإسلامية وخاصة في ليبيا وتونس، بينما تحاول مصر القضاء على هذه الجماعات نهائيا واقصائها من الساحة بيد ان الجزائر ترى بان هذا الأمر يحمل مخاطر كثيرة. إضافة إلى هذا فان العلاقات مع المحور العربي والكيان الصهيوني وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والقضية الفلسطينية تشكل قضايا مثارة للخلافات بين البلدين.
https://jaraian.com/
النهاية