شفقنا-متابعة-في أيام أربعين استشهاد اﻹمام الحسين وأهل بيته وأصحابه عليهم السلام، فقدت الحوزة العلمية أحد أعلامها وكبار فقهاءها الذي لم تخفى مكانته العلمية والأخلاقية على أحد، لكنه آثر الاكتفاء بالتدريس ونشر علوم أهل البيت بعيدا عن اﻷضواء، مكتفيا بالحياة الدنيا بأزهدها.
فقد توفي يوم الثلاثاء، العشرين من صفر الخير 1443، آية الله الحاج السيد محمد رجائي الموسوي إثر نوبة قلبية تعرض لها بعد خضوعه لعملية جراحية لعلاج كسر في عظام الساق.
ولد الراحل سنة 1931 بمدينة أصفهان في أسرة عرفت بالعلم والفضل، فهو ابن آية الله الحاج السيد محمد باقر رجائي الموسوي الذي كان من كبار تلامذة الميرزا النائيني ومن خيرة علماء أصفهان كما كان وكيلا للمرجع الراحل آية الله السيد أبو الحسن اﻷصفهاني.
انتقل مع والده وهو ابن العشر سنوات إلى مدينة النجف اﻷشرف فاشتغل بكسب العلم والدروس الحوزوية فبلغ مستوى متقدما بفضل ذكاءه وعبقريته فكان يشار إليه بالبنان وأصبح من خواص تلامذة المرجع الفقيد آية الله السيد عبد الهادي الشيرازي ومقربيه، فتأثر منه علمًا وزهدًا وخلقًا وأمضى بالقرب منه نحو 30 سنة بعد أن أجاز له الراحل بالاجتهاد والعلم.
وبعد عشرت السنين من حياة الدرس والتقوى في النجف اﻷشرف وحضور دروس مراجعها الكبار كآية الله الخوئي وآية الله الشيخ حسين الحلي كذلك تدريس السطوح، اضطر الفقيد إلى مغادرة العراق بفعل ضغوط النظام البعثي فاستقر في مدينة قم المقدسة حيث اختار الابتعاد عن اﻷضواء واﻷلقاب والعناوين فكرس نفسه لتدريس معارف فقه أهل البيت وتأليف الكتب واﻵثار العلمية القيمة فكان مصداقا للقول الشريف “كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم”، حتى أنه رفض ارتداء ثوب المرجعية رغم كل الدعوات والطلبات التي كانت تصل إليه من الفضلاء والمؤمنين، فكان يكتفي رحمه الله بإرجاع الناس إلى مراجع الدين وكبار العلماء.
ومع أنه بقى “مجهول القدر”، لكنه عمل على تأهيل وإعداد مجموعة من طلاب الحوزة من إيران ولبنان والعراق وسوريا والكويت والبحرين والسعودية، ومنهم العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي والعلامة الشيح حسين فرج عمران وغيرهم كثيرون ممن يشار إليهم بالفضل الكبير من كبار أساتذة بحوث الخارج في الفقه واﻷصول.
ومن جملة مؤلفاته المطبوعة والمخطوطة يمكن اﻹشارة إلى مجموعة الفقه الاستدلالي تحت عنوان “المسائل الفقهية” ومجموعة اﻷصول تحت عنوان “منهاج اﻷصول، وتفسير القرآن، والمنهج القويم في إثبات اﻹمامة من الذكر الحكيم وكتب أخرى في الكلام ورد الشبهات والدفاع عن الولاية واﻹمامة.
مراسم التشييع والتأبين
ويوم أمس الخميس شهدت مدينة قم المقدسة تشييع جثمانه الطاهر حيث انطلقت المراسم من أمام مسجد اﻹمام الحسن العسكري عليه السلام نحو مرقد السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام، كما أقيم مجلس تأبينه مساء الخميس في مسجد اﻷعظم بمشاركة جمع غفير من العلماء والمؤمنين.
بيانات التعزية
بعد وفاته رحمه الله أصدر مراجع الدين العظام وكبار العلماء بيانات وبرقيات تعزية شهدوا فيها على مكانته العلمية وما سيترك رحيله من فراغ للحوزة العلمية.
فقد أصدر سماحة المرجع الديني اﻷعلى آية الله السيد السيستاني “دام ظله” بيان تعزية جاء فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
إنا لله وإنا إليه راجعون
سماحة حجة اﻹسلام الحاج السيد مهدي رجائي دامت تأييداته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تلقينا بمزيد من اﻷسى واﻷسف نبأ وفاة والدكم المعظم فقيد العلم والتقوى آية الله الحاج السيد محمد رجائي رضوان الله عليه.
وإننا إذ نعزي مولانا صاحب العصر والزمان أروحنا فداه وجنابكم الكريم وذوي الراحل ومحبيه في هذا المصاب الفادح نسأل الله تعالى أن يتغمد الفقيد السعيد بواسع رحمته ويلهم ذويه بالصبر والسلوان. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
21 / صفر/١٤٤٣هـ
كذلك عزى آية الله الشيخ بشير حسين النجفي بوفاة آية الله السيد محمد الرجائي، وجاء في بيان صادر عن مكتب سماحته بتاريخ 21 صفر 1443هـ، الموافق: 21/9/2021م:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)
صَدَقَ اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.
والصلاة والسلام على سيد المبعوثين محمد بن عبد الله وعلى آله الغر الميامين، واللعنة على شانئيهم إلى يوم الدين.
وبعد، فإنا لله وإنا إليه راجعون..
فجعنا وفُجعت النفوس الطاهرة بنبأ رحيل آية الله السيد محمد الرجائي من الدار الفانية إلى الرفيق الأعلى، لتحتضنه أُمه الزهراء (عليها السلام) في جوار جده الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار المعصومين من ذريته (عليهم السلام).
ونحن إذ نقدم التعازي لولي الله الأعظم (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وإِلى المؤمنين كافة، نخص ذريته الطيبة وأرجو الله أن يرزقهم الصبر والسلوان في أحضان رحمته تعالى.
ولا حول ولا قوة إِلا بالله العلي العظيم.
المرجع الديني آية الله لطف الله الصافي الكلبايكاني أصدر في 21 صفر المظفر بيان تعزية جاء فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
إنا لله وإنا إليه راجعون
تلقينا ببالغ الحزن واﻷسف نبأ وفاة الفقيه الشامخ آية الله الحاج السي محمد رجائي رضوان الله تعالى عليه.
الراحل يعد شخصية بارزة جعل اهتمامه لعدة سنوات بالتدريس وتأليف الكتب الفقهية والولائية القيمة ونشر معارف أهل البيت عليهم السلام في حوزتي النجف اﻷشرف وقم المقدسة.
كما أن سماحته كان عالما متواضعا تميز بمكارم اﻷخلاق، وفقيها جليلا عمل على إعلاء كلمة الله وترسيخ مبادئ اﻹمامة والولاية بعيدا عن أضواء الحياة الدنيا وظواهرها.
أقدم التعازي بهذه الخسارة الكبيرة للحوزات العلمية ولبيت أستاذي الكريم الراحل آية الله العظمى الحاج السيد جمال الدين الكلبايكاني قدس سره ولأبناءه الفضلاء سائلا المولى العزيز علو الدرجات له وأن يحشره مع أجداده الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
كذلك نعى مكتب المرجع الديني آية الله السيد موسى الشبيري الزنجاني الراحل آية الله الرجائي، وجاء في بيانه بهذه المناسبة:
إنا لله وإنا إليه راجعون
نعزي الحوزات العلمية وعامة محبي العالم الجليل آية الله السيد محمد رجائي رحمة الله عليه وذويه الكرام بوفاة الفقيد السعيد الذي كرس حياته في خدمة مدرسة أهل البيت عليهم السلام ونشر معارفهم. فرضوان الله عليه وحشره مع محمد وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام.
المرجع الشبيري الزنجاني أجرى كذلك اتصالا هاتفيا مع نجل آية الله الرجائي معزيا إياه بفقد والده سائلا الله تعالى علو الدرجات له واﻷجر والصبر الجميل لذويه.
كما أكد في حديثه إن الراحل كان يحتل مكانة علمية وأخلاقية مرموقة ورحيله خسارة للحوزات العلمية.
يتبع..
النهاية
