خاص شفقنا-دخلت في الفترة الأخيرة بعض الدول الإقليمية وغيرها من الدول في مفاوضات مع الحكومة السورية لاستئناف العلاقات بينهما، وانتهت بعضها إلى افتتاح سفاراتها في سوريا، غني عن القول بانه يجب على أي دولة تريد استئناف العلاقات مع سوريا، الاعتراف بالحكومة السورية وسيادتها على البلاد وكذلك القبول بظروف الحكومة السورية، كما قبلت بعضها مثل الامارات المتحدة العربية بهذه الظروف، وهذا يمثل اعترافا وإن كان مرا، لكي يصلوا إلى صيغة تفاهم مع الحكومة السورية.
من جهة أخرى فان تحرير درعا واستئناف سوريا العلاقات التجارية مع الأردن يمثل حدثا مهما، فهذه المنطقة ولأسباب استراتيجية حولتها المعارضة المسلحة إلى منطقة محظورة لا يسمح للجيش السوري الدخول فيها، كما ان الأردن وبسبب علاقاتها الوطيدة مع كل من إسرائيل وامريكا لم تقم باستئناف العلاقات مع الحكومة السورية، غير انه بعد دخول الجيش السوري في درعا، قامت الأردن باستئناف علاقاتها بسوريا. من الواضح بانه من دون الضوء الأخضر الأمريكي لم يكن بإمكانها القيام بهذا العمل.
بعد الانسحاب المهين للولايات المتحدة من أفغانستان والانسحاب التدريجي من العراق، بما يتماشى مع تغيير عقيدة سياستها الخارجية، ستسحب الولايات المتحدة قواتها من سوريا أو تقلصها في أسوأ الأحوال. كما أن تركيا مرتبكة للغاية، فبعد رفض طلب أردوغان زيارة بشار الأسد، انعقد اجتماع بين وزير الدفاع التركي خلوصي أكار ووزير الأمن السوري علي مملوك بناء على طلب الحكومة التركية لمناقشة التواجد التركي في شمال سوريا. تم هذا الأمر، على الرغم من الاجتماع الفاشل بين بوتين وأردوغان، حيث أنهى الروس جدالهم مع الأتراك بضرورة ترك مناطق شمال سوريا وإقرار سيادة سوريا على جميع أراضيها والاعتراف بها. تظهر هذه التطورات بأنه على تركيا والأردن والدول الأخرى القبول بالوضع في سوريا. في ظل هذه الظروف، فإن حق السيادة وترسيخ السلطة وموقف الحكومة السورية سيكون مقبولا من جميع الأطراف الخارجية والمعارضة السورية.
إضافة إلى هذا نرى بان مصر والامارات تتسابقان في استئناف العلاقات مع الحكومة السورية، وكانت من اول الدول التي قامت بهذه الخطوة، ان السبب وراء هذا الأمر هو التنافس بينها وبين تركيا، ذلك ان هذه الدول تتبنى سياسات معارضة للإخوان، وترفض تواجد تركيا ونفوذها في سوريا التي تسبب تعزيز مكانة التيارات السلفية والتكفيرية، إضافة إلى هذا فان مساعي السعودية في بناء العلاقات مع دول محور المقاومة، يعد سببا آخر في محاولات مصر والامارات في بناء العلاقات مع سوريا. كما انه ليس من المستبعد ان تستعيد الحكومة السورية مقعدها في الاجتماع المقبل لجامعة الدول العربية للمرة الأولى بعد عقد من الازمة الداخلية.
هذا وان الحكومة السعودية وبعد هزيمة ترامب قد فقدت داعمها الرئيس، كما ان انسحاب أمريكا من أفغانستان اثار قلقهم، على هذا تريد خفض التوترات مع الدول لأخرى، ولهذا قامت بإحداث تغييرات في سياساتها، ومنها محاولة بناء العلاقات مع سوريا، ملخص القول ان مجمل هذه الاحداث يبين بان الظروف الإقليمية تمر بمرحلة التغييرات وعلى السعودية ان تغيير سياساتها وفق هذه الظروف الجديدة.
أخيرا وليس آخرا ان عودة رفعت الأسد إلى سوريا بإذن من الرئيس بشار الأسد يبين ثقة الحكومة السورية بنفسها، إذ تقوم باستضافة رفعت الأسد، لأنه في حال عدم عودته إلى سوريا كان يحاكم في فرنسا بسبب التهم الموجهة له.
راهبرد معاصر
النهاية