خاص شفقنا-“هذه المنطقة (ناغورنو كاراباخ) جزء من أراضي جمهورية أذربيجان وفقا لقرارات الأمم المتحدة المصادق عليها في عام 1993؛ لكن بعد 27 عاما، ما زالت أرمينيا تحتل المنطقة. إن الأمم المتحدة ضعيفة وعاجزة في معالجة مشاكل المسلمين، فهل هي عاجزة في حل مشاكل المسيحيين”.
ما ورد ذكره أعلاه هو جزء من بيان حركة طالبان في فترة الحرب الثانية التي اندلعت في كاراباخ في دعم جمهورية أذربيجان، وفي نفس الفترة اتخذت وزارة الخارجية الأفغانية موقفا مماثلا في دعم باكو، مع انه فيما بعد ونظرا إلى ردة فعل أرمينيا العنيفة وتهديدها لتعليق عضوية أفغانستان في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، تراجعت حكومة أشرف غني إلى حد ما عن مواقفها السابقة.
مع ان طالبان لم تعلن موقفها الرسمي بعد السيطرة على أفغانستان تجاه حرب كاراباخ، لكنه من الواضح بان موقف الإمارة الإسلامية في هذا المجال يعد قريبا لموقف باكستان، إذ تمتنع عن الاعتراف باستقلال ارميننا نظرا إلى الوضع المماثل بين كشمير وكاراباخ وذلك منذ ثلاثة عقود.
يبدو أنه إذا تم الاعتراف بحكومة طالبان وإمارة أفغانستان الإسلامية كما يطلقون عليها، على يد جزء من المجتمع الدولي، فليس من المستبعد أن يتم قطع العلاقات الدبلوماسية بين أفغانستان مع أرمينيا وحتى في وضع مماثل لباكستان، تتراجع عن الاعتراف باستقلال أرمينيا وإذا ما حدث ذلك، فستزداد فرص اعتراف الحكومة الأذربيجانية بإمارة أفغانستان الإسلامية بشكل كبير، ومن المرجح أن يتكون مثلث التعاون الثلاثي بين باكستان وأذربيجان وتركيا، في أفغانستان وفي إطار آخر. وفي هذا الحال فان الضغوط الأرمينية ستزداد لطرد أفغانستان من معاهدة الأمن الجماعي أو تعليق عضويتها، وبهذا ستنضم إلى طاجيكستان، الدولتان اللتان تعارضان حكومة طالبان. كما ليس من المستبعد بان تقف روسيا إلى جانبهما للحفاظ على وحدة صفوف منظمة معاهدة الأمن الجماعي.
مع ان منطقة القوقاز بعيدة كل البعد عن أفغانستان، لكن هذه المنطقة وخاصة أذربيجان وأرمينيا تأثرتا طيلة العقود الثلاثة الماضية وفي مختلف الفترات بتطورات أفغانستان، إذ يمكن تقسيم هذه القضية إلى خمس مراحل: المرحلة الأولى كانت في بداية التسعينات من القرن المنصرم، إذ شاركت قوات من الشيشان وروسيا وداغستان في الحرب الأولى لكاراباخ دعما لأذربيجان. والمرحلة الثانية فقد تزامنت مع أحداث 11 سبتمبر الإرهابية، إذ أرسلت أرمينيا وأذربيجان وجورجيا قواتها لأفغانستان في إطار حلف الناتو.
المرحلة الثالثة بدأت في 2009 إذ شهدت منطقة القوقاز نقل معدات الناتو إلى أفغانستان وعبر طريق أوزبكستان وكازاخستان وأذربيجان. إذ تم نقل ما يزيد على 90 بالمائة من معدات الناتو إلى أفغانستان. وفي المرحلة الرابعة تم افتتاح طريق عبور اللازورد (ممر اللازورد) في ديسمبر 2018 والذي سمح لأول مرة بمرور طريق دولي واقتصادي لأفغانستان عبر منطقة القوقاز.
أما المرحلة الخامسة فتزامنت مع سيطرة طالبان على أفغانستان، إذ يمكنها ان تترك تأثيرات مهمة على منطقة القوقاز وخاصة على الصراع في كاراباخ. إذ طالبت الخارجية الأفغانية في العام الماضي بان يتم الاعتراف بمنطقة ناغورنو كاراباخ كجزء من أذربيجان، وطالبت بإنهاء احتلالها على يد أرمينيا. إذ أبدت أرمينيا ردة فعل عنيفة تجلت في المطالبة بإخراج أفغانستان من منظمة معاهدة الامن الجماعي. لكن فيما بعد تراجعت الحكومة الأفغانية إلى حد ما عن موقفها، لكن في نفس الفترة نشرت طالبان بيانا على موقعها وطالبت بإنهاء احتلال أرمينيا لمنطقة كاراباخ.
مع انه بعد صعود طالبان في أفغانستان لم تصدر الجماعة أي موقف رسمي حول الصراع الدائر في كاراباخ، غير انه ليس من المستبعد بان تتخذ طالبان نفس الموقف التقليدي والدائم حول الصراع في كاراباخ، وهو موقف تتبناه باكستان حول هذا الصراع.
لذلك، ليس من المستبعد بانه في حال اعتراف المجتمع الدولي بحكومة طالبان بأنها ستتخذ موقفا حازما على غرار الحكومة الباكستانية وحتى تسحب اعتراف الحكومة الأفغانية بأرمينيا. ومع ذلك، على عكس ما حدث في 1996 حتى 2001، عندما تم الاعتراف بحكومة طالبان على يد دول مثل باكستان وتركمانستان والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، لم تعترف أي دولة رسميا حتى الآن بحكومة طالبان.
صحيفة اعتماد
النهاية