خاص شفقنا- ينقسم الشارع العربي واللبناني بشأن تصريحات وزيرالإعلام اللبناني جورج قرداحي، بين مؤيد ومنتقد، لاسيما بعد أن عبرت دول الخليج ومنها السعودية عن غضبها إتجاه هذه التصريحات حيث تطال تبعاتها جميع المواطنيين اللبنانين سواء في الداخل أوالفئة الأكثرتضررا وهم المهاجرين العاملين في البلدان الخليجية.
وفي 25 أكتوبرالجاري نشرت حلقة “استجواب جورج قرداحي” في برنامج “برلمان الشعب” على يوتيوب، وهوبرنامج مجتمعي حقوقي تفاعلي من إنتاج شبكة الجزيرة القطرية، في هذه الحلقة تحدث قرداحي عن أكثرمن ملف عربي، من بينها الحرب في اليمن، فوصفها بالحرب العبثية، مشيرا إلى أن جماعة “أنصارالله” اليمنية من حقها أن تدافع عن نفسها ضد العدوان عليها.
وإنعكس هذا الإنقسام بشكل جلي في مقالات وتعليقات أبرز الخبراء والمحلليين في العالم العربي، من ضمنها مقال الصحفي اللبناني حسام كنفاني بعنوان”العزلة اللبنانية والمبالغة السعودية” والتي عبرمن خلالها عن إستغرابه من ردة الفعل السعودية على تصريحات قرداحي المبالغ فيه، وذلك نظرا إلى سوابق كثيرة في العلاقة مع الرياض. مؤكدا أنها لاتستدعي سحب السفراء وطردهم، خصوصا أن التصعيد ضد السعودية من الداخل اللبناني ليس جديدا.
وألمح حسام كنفاني في هذا التصعيد رسائل سياسية واقتصادية إلى الحكومة اللبنانية، أهمها إغلاق الباب كليا أمام المساعدات التي قد تكون دول الخليج مصدرا لها، فلا أمل لبنانيا اليوم في الحصول على قروض أومنح تساعده في تخطي أزمته الاقتصادية غيرالمسبوقة. كذلك، تريد الرياض إيصال رسالة عدم رضى عن شكل الحكومة وتشكيلتها، بعدما ظهرت طبيعة “وزراء التكنوقراط”، وطريقة التوزيرالتي استبعدت السعودية والمقربون منها من المشهد.
وتحت عنوان “رجم قرداحي: إخضاع لبنان” أيد الكاتب المصري “وائل قنديل” تصريحات جورج قرداحي، مؤكدا أن الحوثيين يدافعون عن أنفسهم، وتابع بالقول، من دون أن تكون محصلة هذا القول إن الحوثيين أصحاب حق، أوضحايا أومقاومون يذودون عن التراب اليمني، فالحقيقة أنهم يدافعون عن وجودهم ومصالحهم وأهدافهم، بشراسة تصل إلى ارتكاب مذابح جماعية بحق الشعب اليمني، كما أن الطرف المكون من السعودية والإمارات يدافع، هوالآخر، عن مصالحه ومخططاته وأهدافه، وفي مقدمتها قتل أي ملامح لثورة شعبية بدأن في اليمن 2011 ضمن تيارالربيع العربي الجارف.
وهاجم وائل قنديل تسمية “عاصفة الحزم”، وكتب أن التسمية وحدها تكفي للتدليل على أنها حرب عبثية، بل وسفيهة، فالبشرية لم تعرف حزما يستغرق ثماني سنوات كاملة، من دون أن يحسم شيئا أويحقق تقدما ولوخطوة واحدة.
لكن في متابعة مقاله ونقيضا لما كتب إنتقد الكاتب كلا الجانبين بشكل لاذع، حيث قال إن القرداحي لم يرفي حديثه عن الحوثيين سوى طرف يدافع عن نفسه، متجاهلا الوجه الآخر من الحقيقة وهي أن الحوثيين يخوضون معركة محكومة باعتبارات طائفية وإقليمية ضد الشعب اليمني، كما أنهم ليسوا حركة تحرر وطني، كما يصدرون أنفسهم إلى العالم، تماما كما أن الذين أنشاوا التحالف الفاشل للحرب عليهم ليسوا دعاة سلام أومدافعين عن الشعوب الثائرة، أوالمبشرين بقيم الحرية والديمقراطية والثورة .. كما أنهم ليسوا حماة عروبة اليمن بوصفها من ركائز الأمن القومي العربي، فمن يتحالف مع الصهيوني الذي يحارب بشراسة من أجل تهويد القدس وفلسطين، وصيهنة الوجدان العربي كله، لايستقيم منطقا أوعقلا أن نسلم بأنه حامي حمي العروبة في اليمن.
وركز مدير وحدة الدراسات السياسية في المركزالعربي للأبحاث ودراسة السياسات مروان قبلان في مقال له بعنوان ” قرداحي.. تفصيل صغيرفي صراع كبير” والتي تم نشره في صحيفة العربي، على مقطع الصوتي المسرب لوزيرالخارجية اللبناني التي أضاف الطين بلة وزاد من حدة التوترات بين الجانبين.
حيث نفي عبدالله بوحبيب في المقطع الصوتي المسرب أن تكون السعودية قدمت أي مساعدات للدولة اللبنانية، على حد وصفه. كما إتهم دول الخليج بعدم المسايرة في الأزمة الأخيرة التي أعقبت تصريحات قرداحي. وزعم بوحبيب أنه لايعادي السعودية، مستنكرا عدم اتصال السفيرالسعودي في لبنان به حين تأزمت علاقات بلاده مع دول الخليج.
وإنتقد الباحث السوري، وزيرالخارجية اللبنانية قائلا، لم يستطع عبدالله بوحبيب، فهم أوتفهم الإجراءات التي اتخذتها السعودية (ودول خليجية أخرى) ضد بلاده، فاعتبرأنها جاءت قاسية، ولاتتناسب مع تصريحات صدرت عن وزيرقبل توليه منصبه، واعتبرفيها حرب اليمن عبثية. كيفما قلبها، لن يتمكن الوزيربوحبيب، على الأرجح، من استيعاب المسألة، إذا ظل ينظرإليها من زاوية تصريحات زميل له أطلقها قبل وصوله إلى المنصب في إطارصفقة تحاصص بين زعماء الطوائف، في حين أن قطع السعودية علاقاتها مع لبنان ووقف كل أشكال التعامل معه، لايمكن فهمه إلا في سياق التطورات التي شهدتها المنطقة أخيرا، من أفغانستان واليمن، مرورا بالعراق وسورية واتفاق إمدادات الغازالمصري (الإسرائيلي) إلى لبنان والتحقيق في انفجارمرفأ بيروت، وتعثرمفاوضات النووي الإيراني وإرتفاع أسعارالنفط العالمية، وصولا إلى المحادثات التي تجريها السعودية مع إيران في بغداد منذ شهرإبريل / نيسان الماضي.
يذكرأنه وعلى اثرتصريحات وزيرالإعلام اللبناني، إستدعت وزارة الخارجية السعودية السفيراللبناني في الرياض وسلمته مذكرة احتجاج رسمية على تصريحات قرداحي التي وصفتها بالمسيئة تجاه المملكة ودول “تحالف دعم الشرعية في اليمن”. حيث جاء في المذكرة إن تصريحات قرداحي قد تترتب عنها تبعات على العلاقة بين البلدين.
وكان مجلس التعاون الخليجي قد رفض أيضا تصريحات قرداحي “جملة وتفصيلا” وقال إنها تعكس فهما قاصرا وقراءة سطحية للأحداث”، وطالب المجلس الدولة اللبنانية بتوضيح موقفها.
النهاية