خاص شفقنا-يرى محلل القضايا الدولية بان ما نشاهده اليوم على المستوى العالمي هو عبارة عن تجربة الحروب العالمية واستمرار المنعرجات التي شهدتها القوى الكبرى في القرن العشرين، إذ لا شيء غامض في تلك العمليات وما تبحث عنه القوى العظمى واضح للجميع، أما ممارسة اللعبة على يد لاعبين قد راهنوا على الخاسر، يعد أمرا صعبا، فان تحديد الخاسر في الأجواء العالمية الراهنة أمر معقد جدا في الساحة العملية، وإن بدأ أمرا بسيطا في الظاهر.
وقال المحلل السياسي مهدي مطهر نيا في حوار خاص بشفقنا في معرض رده على سؤال حول مصير الحرب في أوكرانيا وهل ستستمر أم ستنتهي قريبا، بان ما يجب التركيز عليه عند النظر إلى هذه الحرب هو ان أوكرانيا ليست الهدف إنما وسيلة في مسار تكوين النظام العالمي في المستقبل، لم تبدأ الحرب الأوكرانية في عام 2022 إنما تضرب بجذورها في حرب القرم والحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي في العصر الجديد، مع ان استخدام القوة الباردة يأتي موجها للمنافس أو المنافسين أو الأعداء، لكن هناك حرب نفسية لها حضورها للتأثير على القوات الغازية عند ظهور توترات بين مختلف البلدان، وان هذه الحروب تريد تحقيق أهداف كبيرة ولا تنتهي قريبا، إنما تجتاز مسارات مختلفة، مع انه قد تشتد في فترات ما أو تقل في فترات أخرى، على هذا فليس هناك سيناريو واحد يمكن الحديث عنه حول الحرب الأوكرانية.
وأضاف: ان ما يظهر اليوم هو ان روسيا ومن خلال خطة بوتين السلطوية تحاول ان تعرض عضلاتها عند الدول التابعة لها، ومن جهة أخرى فان هذا السلوك السلطوي هو الذي يثير المنافسين، فأمريكا كونها قوة عظمى عالميا تعمل وفق سيناريوهات رسمتها مراكز الفكر العالمية ومنها الحروب السيبرية في المستقبل، على هذا فإنها وضعت مختلف الخطط لمواجهة هذا المناخ الجديد، كما ان اقتراب روسيا كونها قوة عسكرية عظيمة من أوروبا المتمحورة حول القوة الاقتصادية لألمانيا يعد أمرا خطيرا لأمريكا.
وصرح مطهرنيا بان تضخيم روسيا على يد المنظر كيسنجر وما طرح فيما بعد في أفكار برجنيسكي جاء لجعل أوكرانيا السويد الثاني في أوروبا، ثم في عهد أوباما أصر على هذا المنطق بان أمريكا عليها وفي التعامل مع أوكرانيا وخلافا للرأي السابق ان تفتح مسارا لها، وفي هذا المسار يجب تكوين فرق عسكرية في مواجهة روسيا واليوم نشاهد بان هذه الفكرة تم تطبيقها على ارض الواقع ورمزها هو زلنسكي إذ يتولى مهمة قائد حرب العصابات في ساحة الحرب ويمكنه ان يعرض قوته من خلال دعم الدول الأخرى له في مواجهة احد أقوى جيوش العالم، فان هذه الأجواء المضطربة حبلى بظهور المفاجئات والسيناريو الذي أتوقع ظهوره في المستقبل، هو ما أطلق عليه “الجرح القديم”، ذلك انه يدل على جرح متبقي بين روسيا والدول الأوروبية.
أما عن السيناريو الآخر الذي قد تؤول إليه الحرب فقال مطهرنيا انه قد يتم تطبيق سيناريو كوريا الشمالية والجنوبية، في تلك المنطقة، بمعنى انه وكما حدث في شرق آسيا وتم فصل الكوريتين لكن هذا السيناريو يؤجج الصراعات ويمهد الأرضية لظهور فجوات كثيرة وقد يتم استغلال هذه الفجوات مستقبلا على يد القوى العظمى.
أما السيناريو الثالث وعلى حد تعبير مطهرنيا فانه قد يظهر من خلال وحدة الغرب في مواجهة الشرق وانه السيناريو التي تبحث عنه الإدارة الأمريكية، بمعنى ان أمريكا توفر الأرضية بغية تكوين النظام العالمي حتى تزداد شدة اقتراب أوروبا وأمريكا من بعضهما البعض. وأما السيناريو الرابع فهو سيناريو الفجوة الدولية على مستوى استمرار الحرب على المستوى الدولي، إذ يطلق عليه سيناريو خلق الأجواء الملائمة لظهور السيناريوهات الأخرى، أي بالتحديد اندلاع الحرب العالمية الثالثة، ومع انه أمر مستبعد الحدوث لكنه قد يظهر وهذا في حال عدم إدارة الفجوات واحتواءها على المستوى العالمي.
النهاية