شفقنا- اكد المحلل السياسي السوري “احمد الدرزي” نحن أمام نظام عالمي جديد، من بوابة الحرب في أوكرانيا، وهو نظام متعدد الأقطاب والسياسات والثقافات، وبنتائج واضحة على المنظومات الإقليمية الجديدة.
وفي حوار خاص مع شفقنا العربي، تطرق المحلل السياسي السوري الى مستقبل الخارطة السياسية والجيو سياسية في العالم في ظل الحرب في اوكرانيا وقال:”بالتأكيد نحن أمام نظام عالمي جديد، من بوابة الحرب في أوكرانيا، وهو نظام متعدد الأقطاب والسياسات والثقافات، وبنتائج واضحة على المنظومات الإقليمية الجديدة، واضاف في الوقت نفسه هذه التصورات لواقع العالم لا يمكن ان تحصل في القريب العاجل، فالحرب في اوكرانيا قد تمتد لسنوات.”
واوضح ان طبيعة الحدث الأوكراني، يلقي بظلاله على مستقبل البشرية لخمسة عقود بالحد الأدنى، فهو جاء بلحظة دولية معقدة بشكل كبير، وهي نتاج أكثر من عقدين من الزمان، بتحولاته التدريجية التراكمية، وعلى مستوى قوى ناهضة، تعمل بهدوء وروية، لامتلاك أسباب القوة، كي تخرج من وضعها الذي تشعر بأنه لا يليق بها، وهي تستحق أن تأخذ دورها على المستوى الدولي، كالصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، فسعت إلى تشكيل منظومة دولية جديدة، بعنوان دول “بريكس”، ثم الذهاب نحو منظمة شانغهاي، ومنظمة التعاون الأوراسي، بالإضافة إلى إيران التي اتخذت خطاً خاصاً بها، يعتمد على مواجهة المشرع الأمريكي الصهيوني في غرب آسياَ.
واضاف: بالمقابل هناك الغرب، الذي يتجلى بآخر أشكاله، المتمثل بالنموذج الأمريكي، بعد أن هيمن على العالم بشكليه الفرنسي والبريطاني، وهو يسعى لمنع تشكل أي قوة دولية، يمكنها أن تطيح باستئثاره بموارد العالم، واستمرار استنزافه للبشرية.
ومن هنا تأتي أهمية الحدث الأوكراني، ففيه نقطة لقاء العالم الصاعد بالعالم الهابط، ما يجعل من الحدث على درجة عالية من الخطورة، بفعل النتائج العابرة له على البشرية، والذي يدفع بكل الأطراف للتعاطي معه بحذر شديد، خشية انفلاته من أيدي القوى المتصارعة، وتسببه بكارثة عالمية.
ولكن من ينظر إلى خطورة النتائج، سيدرك بأن قرار موسكو هو الذهاب نحو النهاية، ولو تطلب ذلك الذهاب نحو استخدام السلاح النووي، فبقاؤها كدولة مرتبط بانتصارها، ولا مجال أمامها حتى لنصف انتصار، على العكس من الولايات المتحدة، فإن ما يمكن أن تصل إليه هو فقدانها للقطبية الواحدة، وقد ينعكس ذلك على بنيتها الداخلية في مراحل مبكرة، بانكشاف كل الانقسامات الداخليةَ.
بالتأكيد نحن أمام نظام عالمي جديد، من بوابة الحرب في أوكرانيا، وهو نظام متعدد الأقطاب والسياسات والثقافات، وبنتائج واضحة على المنظومات الإقليمية الجديدة، وسنشهد طابع التداخل لهذه المنظومات، وخاصةً على مستوى قارة آسيا، التي ستتحول إلى مركز الاقتصاد العالمي، بما سيترك فرصة لشعوب العالم بأن تلتقط أنفاسها من جديد، ريثما تبرز مظاهر جديدة من صراع القوى.
كل هذه التصورات لواقع العالم لا يمكن ان تحصل في القريب العاجل، فالحرب في اوكرانيا قد تمتد لسنوات عشر، حتى لو حُسمت قريباً، ولكن نتائجها تحتاج إلى زمن ليس بالقليل كي تخرج من كوارثها.
وفي جانب اخر من الحوار تطرق المحلل السياسي السوري الى الموقف السوری تجاه التغیرات التی نشهدها فی المنطقه بما فیها الحرب في اوكرانيا نظرا لعلاقات دمشق مع موسكو وقال: تعتمد دمشق كعادتها على عنصر “الجنرال زمن”، فهي تدرك حساسية الجغرافيا السياسية لسوريا في قلب العالم القديم، ومدى خطورة انهيارها، وارتداد ذلك على دول الجوار وما بعدها، وبنفس الوقت تسعى لاستثمار ذلك بمحاولات استعادة دورها الإقليمي الحافظ لها، بالعودة إلى لعب دور التوازنات الإقليمية واحتياج الجميع لها، ولكنها تدرك ان ذلك صعب الآن، رغم افتتاحها لقنوات مع الإمارات العربية المتحدة والأردن.
وقال: تغيرت رؤية دمشق بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، التي لم تتوقعها، فقد أدركت بأن مصيرها مرتبط بمصير روسيا في الحرب، ففي هزيمتها نهاية الدولة السورية وانفراط عقدها، بينما يعني الانتصار فيها، إحياءً للآمال بنهاية الكارثة السورية والحرب، وإمكانية استعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية المحتلة، ومن هنا يمكننا فهم الموقف السوري، الذي ذهب بعيداً في تأييد القرار الروسي في الحرب، والذي تجاوز حتى الإعلام الروسي.
من هذا المبدأ تتعاطى سوريا مع الحدث السوري، باعتباره قيد الانتظار، وأن ملفها لم يعد له الأولوية في المتابعة، والاهتمامات الدولية كلها منصبة على الحرب في أوكرانيا، ما يشكل المزيد من الضغوط على السوريين، الذين دمرتهم الحرب الطويلة.
*الحوار من: ليلى.م.ف
– ما جاء في الحوار لايعبر بالضرورة عن موقف الموقع
انتهى