شفقنا- اكد الخبير والمحلل السياسي السوري ” احمد الدرزي” ، من الواضح أن مسألة الطاقة، التي تشكل عصب الحياة المدنية الحديثة، هي التي يمكنها أن تحسم مسارات مستقبل البشرية، تبعاً لمن يستطيع التحكم باستخراجها ونقلها.
وفي حوار خاص مع شفقنا العربي، قال الخبير والمحلل السياسي السوري “احمد الدرزي”: أظهرت الحرب في أوكرانيا حجم الصراع الدولي، بين قوى دولية تسعى لتغيير بنية النظام الدول القديم، شكلت فيه روسيا رأس حربة المواجهة، وبين الولايات المتحدة التي تخضع مجموعة الدول الغربية لها، للحفاظ على هيمنتها، التي أرهقت دول وشعوب العالم، وكان من الواضح أن مسألة الطاقة، التي تشكل عصب الحياة المدنية الحديثة، هي التي يمكنها أن تحسم مسارات مستقبل البشرية، تبعاً لمن يستطيع التحكم باستخراجها ونقلها.
وأضاف: من هنا كانت أهمية سوريا كممر إجباري لطرق نقل الغاز القطري إلى أوروبا، كبديل عن الغاز الروسي، بعد أن أثبتت الوقائع، بأن الصراع هو على خيارات الاتحاد الأوروبي، القادر على حسم بنية النظام الدولي القادم، تبعاً لمن يستطيع تأمين الغاز الطبيعي، كبديل عن الغاز الروسي، الذي يهدد مكانة الولايات المتحدة، بإسقاط تبعية الدول الأوروبية لقرار واشنطن المتحكم بها، فكان أن دفعت سوريا ثمن رفضها لمرور الغاز القطري، بتدميرها بحرب أهلية وإقليمية ودولية.
وكان لفشل الرهانات الأمريكية بإسقاط روسيا بالحرب الأوكرانية، وعجزها عن تأمين بدائل الغاز الروسي أثراً كبيراً على التوجهات الجديدة في ملف غاز شرق المتوسط على ساحل فلسطين المحتلة، الذي أصبح أكثر إلحاحاً للتعويض عن الغاز الروسي، هذا الغاز لا يمكن نقله إلى أوروبا، عبر البحر إلى اليونان وإيطاليا لأسباب تقنية، تتعلق بمروره على أعماق تصل إلى 4000 متر، وهذا غير ممكن حالياً، حيث لا توفر التقنيات الحالية الإمكانية إلا لأعماق لا تزيد عن 2000 متر، لا يمكن تمريره بحرياً إلى تركيا، في المناطق الفاصلة بين لبنان وسوريا من جهة وقبرص من جهة أُخرى، لرفض روسيا وسوريا وحزب الله ذلك، ولَم يعد من خيار سوى النقل البري عبر الأردن وسوريا إلى تركيا، ولذلك فإنه من المتوقع أن تزداد الضغوط على سوريا في المرحلة القادمة، وقد تصل إلى مرحلة الصدام العسكري، وهذا ما أظهرته التسريبات الأخيرة، عن تفعيل غرفة الموك في الأردن، للعمل على وجود منطقة آمنة، بعمق أكثر من 35 كم، وتشمل كل من محافظات السويداء ودرعا والقنيطرة، بالإضافة لإعطاء الضوء الأخضر لتركيا، كي تجتاح ما تبقى من الشمال السوري.
وسوريا بطبيعة الحال لا يمكنها القبول بتغيير موقفها، وخاصةً بعد حسمت خياراتها منذ عام 2008، بعد أن رفضت مرور الغاز القطري، ثم عادت وأوقفت مشروع الغاز العربي القادم من مصر، بعد أن أدركت بأن أنبوب الغاز هذا سيذهب إلى مدينة كلس في تركيا، وبعدها إلى دول الاتحاد الأوروبي، وهي تثبتت من صوابية موقفها بعد أن وقفت كل من روسيا والصين معها في مجلس الأمن، ومنعا إصدار قرار يتيح للولايات المتحدة والدول الغربية التدخل العسكري.
وفي جانب اخر من الحوار تطرق الخبير السوري الى زيارة الرئيس الأسد إلى حلب التي جرت قبل اسبوع وقال ان هذه الزيارة جاءت في ظروف إقليمية ودولية شديدة التعقيد والخطورة على سوريا، وهي أرادت أن تحمل مجموعة من الرسائل المحلية والإقليمية والدولية، فعلى المستوى المحلي كانت تريد الإيحاء بالعودة إلى السياسات ما قبل الحرب، التي شكلت فيها حلب محوراً لاهتمام الرئيس الأسد، ما جعلها تأخذ حجمها الطبيعي كأهم مدينة اقتصادية في سوريا، وأن مفرزات سياسات الحرب التي حرمت حلب واقتصادييها الصناعيين، من العودة إلى مكانتها الطبيعية، قد انتهت، وأن المرحلة القادمة ستشهد تغيراً كبيراً بطريقة التعاطي مع المدينة المنكوبة، وسيتم توفير الظروف والشروط المناسبة لتلك العودة، ما دفع بالفلبين لتلقف الرسالة، والاندفاع لاستقباله، وهم محفوفين بالأمل.
أما على الصعيد الإقليمي، فإن الرسالة واضحة لتركيا أردوغان، التي مازالت تعمل للاستحواذ على مدينة حلب من جديد، وأن أي محاولة احتلال جديدة ستشهد تعاطياً عسكرياً مختلفاً، ويستند بموقفه هذا، إلى موقف حليفيه الروسي والإيراني، الذين وقفا معه بصلابة ضد أي تحركات عسكرية تركية جديدة.
أما على الصعيد الدولي، فإن الرسالة الموجهة، كانت للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بأن موقف سوريا لن يتغير تجاههما، وأن منطقة حلب التي كان من المفترض أن يمرَّ منها أنبوب الغازي العربي عام 2010، لن يمرَّ منها أنبوب الغاز الإسرائيلي أيضاً.
الحوار من :ليلى.م.ف
-ما جاء في الحوار لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع
انتهى