خاص شفقنا-بيروت-
لم يكن 25 أيار عام 2000 يومًا عاديًّا بالنسبة للبنان، وخاصة لأبناء القرى المحتلة، فهو يوم هُزمت فيه “إسرائيل”، الكيان المؤقت الذي كان يدّعي حتى تاريخ الاندحار أنها القوّة العظمى التي لديها جيش لا يقهر، ولكنه عند أعتاب الجنوب قُهر وهُزم شر هزيمة، واندحر مذلولا صاغرا دون قيد أو شرط.
ولهذا النصر ضريبة دفعها الجنوبيون سلفا، تمثلت بالمعاناة تحت نير الاحتلال، وللحديث عنها كان ل ” شفقنا “ حديث خاص مع أحد أبناء بلدة كفركلا الحدودية ليروي لنا بعض هذه المعاناة التي عايشوها وكيف كان وقع التحرير عليهم بعد التحرير، فيقول الأسير المحرر الحاج جهاد حمود بأن معاناة البلدة بدأت قبل الاجتياح باعتداءات متكررة من العدو الإسرائيلي منذ العام 1969 ولغاية ال 1976 حين تعرضت البلدة للاجتياح واحتلها العدو الإسرائيلي، مشيرا إلى أن بعد احتلال البلدة بدأت حقبة جديدة سعى فيها المحتل إلى إفراغ القرية من شبابها الوطنيين، فبدأت المداهمات والاعتقالات والاعتداءات على هؤلاء الشباب وعائلاتهم.
ويتابع حمود: وبعد هذه المعاناة مع الاحتلال بدأ يتنامى العداء لهذا المحتل أكثر فأكثر، فأصبحت “إسرائيل” هي العدو الرئيسي، وكان لا بد من المواجهة مع هذا “البعبع (الوحش المخيف)” الذي يتغنى بهزيمته للعرب وعدم خسارته لأي معركة، فامتشقنا السلاح وبدأنا نقاتل العدو الإسرائيلي، وخلال هذه الفترة كان اليهود ينتخبون ” أنذل ” الناس في القرى ويتم تعينهم كمسؤولين أمنيين وعسكريين للتحكم بشرفاء القرى والبلدات والتضييق عليهم ووأد أي محاولات للمقاومة، التي ورغم كل هذا التضييق إلا أنها استمرت وارتفعت وتيرتها تدريجيا. مشيرا إلى أن الاحتلال كان يفرض خوّات على الحواجز ويراقب المرتادين للجوامع ويفرض الخوّات خاصة على المغتربين، وكان يعتبر منطقة الشريط الحدودي بمثابة “تل أبيب” فكان القمع شديدا جدا، إذا لم يبق شاب لديه نزعة أو شبهة مقاومة أو معارضة للاحتلال إلا وتم سجنه أو ترحيله من المنطقة.

ولفت حمود إلى أن العمل المقاوم في فترة ال 1982 في منطقة الشريط الحدودي كان يعتمد على الشباب، الذين لم يكن مظهرهم يوحي بأنهم قد يكون لديهم ارتباطات بالعمل المقاوم، وكان العمل يتضمن جمع المعلومات أو نصب بعض العبوات، أو كتابة تهديدات لعملاء الاحتلال ووضعها في سياراتهم، وعند انطلاق العمليات الاستشهادية، أدركوا أن الاستشهادي يقود السيارة وحيدا، ففرضوا على أهل المنطقة وجود أكثر من راكب في السيارة في النهار وفي الليل يجب أن يكون هناك سيارتان على الأقل بحال أرادوا التنقل من بلدة إلى أخرى وفي كل واحدة من السيارات أكثر من راكب، كما عمل الاحتلال على اقتطاع الكثير من الأراضي الزراعية والاستيلاء عليها ونهب خيراتها، إضافة إلى أن أعداد العملاء في المنطقة الحدودية شجع هؤلاء على فرض التجنيد الإجباري وجعلوا من هذا التجنيد مصدرا للمردود المالي، فكان يتم الضغط على الأهل لدفع مبالغ مالية كبيرة بحال رفضوا إرسال أبناءهم إلى التجنيد وصلت قيمتها في بعض الأحيان إلى ما يقارب ال 5000 وال 10000 دولار، مما أرغم الكثيرين على بيع أراضيهم من أجل تأمين هذه المبالغ. مؤكدا أن الكثيرين ممن لم يتمكّنوا من الدفع انخرط أبناؤهم في جيش لحد، كانوا يعملون لصالح المقاومة، فيسرّبون المعلومات عن العملاء وإحداثيات المواقع وأماكن تواجد الكمائن وأوقات تحرك الدوريات.
وأضاف حمود: كل من كان يرتبط بالمقاومة كان يتعرض لتعذيب شديد جدا، ويتعرض أهله للتهجير، وإذا عثر على أسلحة في منزله يصار إلى تفجيره لترهيب باقي أهالي القرى، مشيرًا إلى أنه عندما تعرض للاعتقال في العام 1985، حاول الاحتلال طرد أهله من منزلهم ليقوموا بتفجيره، لكن أهالي القرية وقفوا في وجه المحتل ومنعوا تهجير أهله وتفجير منزله، لذلك في تلك الفترة كان حمل السلاح ضربا من الجنون، فلم يكن هناك أي بصيص أمل بهزيمة “إسرائيل”، ولكن كان لا بد من أن يزول هذا الاحتلال مهما كان الثمن، فنحن أهل هذه الأرض وأسيادها وهم محتلون، والمحتل إذا دخل قرية يفرض على شرفائها الذل ويسلبهم الكرامة، ونحن لم نتعود عيشة الذل وفقدان الكرامة.
“في العام 1975 اقتحم البلدة 70 عنصرا من الكومندوس الإسرائيلي بهدف تدمير منزلنا وقتل والدي، إلا أن..
لمتابعة القراءة اضغط هنا
مهدي سعادي – شفقنا