شفقنا – يعتمد أكثر من أربعة مليارات شخص حول العالم على الأراضي الرطبة، فيما يؤدّي تدميرها إلى تأجيج الصراعات على الموارد، مثل الأراضي الخصبة والمياه، الأمر الذي من شأنه أن يهدّد الأرواح وسبل العيش. وبمناسبة يوم الأراضي الرطبة العالمي الموافق فيه الثاني من فبراير/ شباط، وقبل أقلّ من ستّة أشهر من مؤتمر الأطراف الـ15 للأراضي الرطبة المزمع عقده ما بين 23 و31 يوليو/ تموز 2025 في زمبابوي، تُطلَق دعوة إلى حماية هذه النظم البيئية “من أجل مستقبلنا المشترك”.
والأراضي الرطبة، بحسب تعريف الأمم المتحدة، أنظمة بيئية على كوكب الأرض تُعَدّ المياه فيها العامل الأساس الذي يتحكّم بالبيئة والحياة النباتية والحيوانية المرتبطة بها. ويشمل التعريف الواسع للأراضي الرطبة المياه العذبة والنظم البيئية البحرية والساحلية من قبيل البحيرات والأنهر ومستودعات المياه الجوفية والمستنقعات والأراضي العشبية الرطبة والأراضي الخصبة والواحات ومصبّات الأنهر ودلتا ومسطحات المد والجزر وغابات المانغروف والمناطق الساحلية الأخرى والشعاب المرجانية، بالإضافة إلى مواقع الأنشطة البشرية، مثل أحواض السمك وحقول الأرزّ والخزّانات وأحواض الملح.
ولأنّ مستقبل كوكب الأرض وكائناته يعتمد على الأراضي الرطبة، فقد اختار القائمون على اليوم العالمي المخصّص لهذه الأراضي والمدرج في روزنامة الأمم المتحدة عنوان “حماية الأراضي الرطبة من أجل مستقبلنا المشترك”. وشرحوا أنّ شخصاً واحداً من بين كلّ ثمانية أشخاص يعتمد على سبل العيش التي توفّرها مصادر الأراضي الرطبة المختلفة، مثل الغذاء وإمدادات المياه والنقل والترفيه. يُذكر أنّ ثمّة أبحاثاً أظهرت أنّ المناظر الطبيعية للأراضي الرطبة تؤثّر إيجاباً بالصحة النفسية.
ويرى الخبراء الأمميون المعنيون أنّ للأراضي الرطبة أهمية حيوية بالنسبة إلى البشر والطبيعة، نظراً إلى القيمة الأصيلة لهذه النظم البيئية وفوائدها والخدمات التي توفّرها، بما في ذلك مساهماتها على الصعيد البيئي، وكذلك المناخي والاجتماعي والاقتصادي والعلمي والتعليمي والثقافي والترفيهي والجمالي في تحقيق التنمية المستدامة ورفاه الإنسان.
ويضمّ كوكب الأرض أكثر من 2400 موقع من المواقع المدرجة في قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية الخاصة باتفاقية الأراضي الرطبة (رامسار)، مع العلم أنّ القائمة تضمّ كلّ الأراضي الرطبة الساحلية والداخلية بكلّ أنواعها. وتهدف اتفاقية “رامسار” إلى المحافظة على كلّ الأراضي الرطبة واستخدامها بطريقة رشيدة، من خلال الإجراءات المحلية والوطنية والتعاون الدولي، وذلك في إطار المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة في العالم. كذلك، تهدف الاتفاقية إلى وقف فقدان الأراضي الرطبة وتدهورها حول العالم، وتسجيلها في القائمة الرسمية وضمان الإدارة الفعالة لها، بالإضافة إلى التعاون على المستوى الدولي في ما يخصّ الأراضي العابرة للحدود ونظم الأراضي الرطبة المشتركة وكذلك الأصناف المشتركة.
يُذكر أنّ اتفاقية الأراضي الرطبة تحمل اسم اتفاقية “رامسار” نسبةً إلى مدينة رامسار الإيرانية، حيث عُقدت أعمالها في عام 1971، لتدخل حيّز التنفيذ في عام 1975. ومنذ ذلك الحين، صارت نحو 90% من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، من المناطق الجغرافية كافة في العالم، “أطرافاً متعاقدة” في الاتفاقية بعد انضمامها إليها تباعاً. وتُعَدّ “رامسار” من أقدم الاتفاقات البيئية الحكومية الدولية العالمية الحديثة، علماً أنّ التفاوض حول زيادة فقدان الأراضي الرطبة وتدهورها كان قد بدأ في ستّينيات القرن العشرين مِن قبل دول ومنظمات غير حكومية معنيّة.
وبينما لا تغطّي الأراضي الرطبة إلا 6% فقط من سطح الأرض، علماً أنّها تمتدّ على أكثر من 2.5 مليون كيلومتر مربّع، فإنّ 40% من النباتات والحيوانات تعيش في هذه الأراضي أو تتكاثر فيها، بحسب ما تفيد البيانات الأخيرة. كذلك، فإنّ هذه الأراضي تحمي 60% من البشر، على طول السواحل، من هبوب العواصف والأعاصير وأمواج تسونامي. وهي تتيح خدمات النظم البيئية الأساسية مثل تنظيم المياه، بما في ذلك التحكّم في الفيضانات وتنقية المياه.
ويؤكد القائمون على يوم الأراضي الرطبة العالمي أنّ التنوّع الحيوي للأراضي الرطبة مهمّ لصحة البشر وإمداداتهم الغذائية والسياحة والوظائف، وبالتالي فإنّ الأراضي الرطبة حيويّة بالنسبة إلينا وإلى الأنظمة البيئية الأخرى، وكذلك لمناخنا. ولعام 2025 الذي انطلق أخيراً أهمية خاصة في هذا الخصوص، فخلاله يُعقَد المؤتمر الخامس عشر للدول الأطراف المتعاقدة في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن الأراضي الرطبة (كوب 15) في فصل الصيف. وفي هذا المؤتمر، الذي يُعقد مرّة كلّ ثلاثة أعوام، ستجتمع الأطراف الموقّعة على اتفاقية الأراضي الرطبة للاتفاق على خطة مدّتها ثلاثة أعوام من أجل صون هذه النظم البيئية القيّمة والدفاع عنها.
انتهی.