شفقنا- أصدرت إدارة جامعة مشيغان الأمريكية قراراً بتعليق أنشطة جمعية «طلاب متحالفون من أجل الحرية والمساواة» بتهمة خرق سياسة السلوك في الجامعة، وانطوى القرار أيضاً على منع المجموعة من استخدام حرم الجامعة ومنشآتها في تنظيم أي طراز من الاحتجاج.
وليس خافياً أن استهداف هذه المجموعة لم يستند على «خرق» واضح أو ملموس للقوانين والأنظمة المرعية، بل نهض فعلياً على حقيقة أن الطالبات والطلاب الأعضاء فيها كانوا في طليعة التجمعات الطلابية التي نظمت سلسلة اعتصامات عمّت عدداً من أبرز الجامعات الأمريكية، احتجاجاً على حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة، ودفاعاً عن عشرات الآلاف من المدنيين ضحايا القصف الإسرائيلي للمشافي والملاجئ والمخيمات والمدارس. وقد تركزت أهداف هذا الحراك في الدعوة إلى وقف إطلاق النار، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وكذلك المطالبة بوقف استثمار الجامعات مع مؤسسات دولة الاحتلال المتورطة في حرب الإبادة.
وأما في جامعة نيويورك فإن مجموعة «أمهات ضد العداء للسامية في الجامعات» التي تأسست بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وتناصر دولة الاحتلال الإسرائيلي وتضمّ أكثر من 62 ألف عضو على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» لا تمارس الضغوط العلنية على إدارة الجامعة لإخراس الأصوات المناصرة لأهالي قطاع غزة فقط، بل تتولى أيضاً أدوار الرقابة الأمنية والوشاية بالطلاب وابتزاز الجامعة مالياً.
وكانت السيدة مؤسسة هذه المجموعة قد تفاخرت علانية بأنها ضغطت على رئيسة الجامعة مباشرة، وأقنعتها باتخاذ إجراءات ردعية صارمة بحقّ الطلاب المحتجين على حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة، ونشرت على «فيسبوك» نماذج من مراسلاتها مع إدارة الجامعة قبل أن تضطر إلى حذفها بعد احتجاجات من الكادر التدريسي وأهالي طلاب آخرين.
وليست مصادفة أن مختصرات اسم المجموعة MACA تتصادى مع مختصرات التيارات الشعبوية والعنصرية التي تناصر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتحمل اسم MAGA أو «اجعل أمريكا عظيمة مجدداً» لأن أنشطة تجمّع الأمهات هذا إنما تستند مباشرة على الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب مؤخراً وخوّل الإدارات الفدرالية المختلفة سلطة ترحيل الطلاب الأجانب المتعاطفين مع «الإرهاب» حسب التعبير الوارد في حيثيات النص.
ورغم أن الأمر التنفيذي يعتمد ذريعة زائفة هي محاربة العداء للسامية في الجامعات الأمريكية، فإن الغرض الأبرز منه هو قمع موجات التضامن مع قطاع غزة والاحتجاج على جرائم الحرب الإسرائيلية، وهو لا يتحرج أصلاً في مطالبة وزارة العدل بـ «مقاضاة التهديدات ضد اليهود الأمريكيين» وترحيل «الأجانب المقيمين الذين انضموا إلى الاحتجاجات» و«إلغاء تأشيرات الطلاب لجميع المتعاطفين مع حماس في حرم الجامعات».
وهذا أمر لا يخالف التعديل الثاني في الدستور الأمريكي والذي يضمن حرية التعبير عن الرأي فحسب، بل يشجع الأفراد والمجموعات المؤيدة لدولة الاحتلال على ارتكاب مخالفات مماثلة وأكثر فظاظة، تنتهي في مجموعها إلى تكريس مكارثية أمريكية جديدة تجمّل حرب الإبادة الإسرائيلية، وتغسل أيدي مجرمي الحرب من دماء عشرات آلاف المدنيين الفلسطينيين الأبرياء.
*القدس العربي
انتهى