شفقنا – تقف أفغانستان اليوم في عين عاصفة إنسانية. فالملايين من المهاجرين العائدين قسرا إلى البلاد والنساء اللواتي أُقصين من المجتمع والأسر التي فقدت مأواها بعد الزلزال، كلها مؤشرات على أزمة باتت ليست “طارئة” فقط بل آخذة بالتحرك نحو انهيار انساني كامل.
وتواجه أفغانستان عام 2025، أزمة إنسانية غير مسبوقة؛ الأزمة التي تعد وفقا لتقرار مجموعة الحماية العالمية الصادر في 31 تشرين الأول/أكتوبر ويقع في 15 صفحة “أحد أعنف الأوضاع البشرية الطارئة في العالم.”
ويحذر التقرير من أن الاحتياجات الانسانية في أفغانستان ومقارنة بالعام الماضي، لم تتراجع فحسب بل ازدادت بشكل لافت بسبب مجموعة من الأسباب الداخلية والخارجية.
المحاور الرئيسية الثلاثة لتصعيد الأزمة
وتأسيسا على تقرير مجموعة الحماية العالمية، فقد اضطلعت ثلاثة عوامل في تصعيد هذه الأزمة:
1.العودة القسرية الجماعية للمهاجرين من ايران وباكستان؛

2.الكوارث الطبيعية المتكررة والمأوساوية بما فيها الزلازل والفيضانات والجفاف؛

- الانتهاك الممنهج لحقوق الانسان لا سيما القيود الشديدة المفروضة على النساء والفتيات في قطاعات التعليم والعمل والمشاركة العامة.
ومنذ بداية العام الجاري وحتى أيلول/سبتمبر، عادة قرابة 2.8 مليون مهاجر أفغاني من ايران وباكستان إلى البلاد. وطُرد معظمهم قسرا ومن دون تخطيط مسبق. وأثر هذا الحدث الواسع، على البنية التحتية المتهالكة أصلا في أفغانستان والمجتمعات المحلية المستضيفة، وأوصل الطلب على السكن والماء والطعام والخدمات الصحية والمعيشة المستدامة إلى أعلى مستوى متأزم.

وفي هذا السياق، خلّف الزلزال الذي بلغت قوته 6.3 درجة على مقياس ريختر، وضرب شرقي أفغانستان لا سيما ولاية كنر في 31 آب/أغسطس، دمارا هائلا. فقد تسبب بمقتل أكثر من 2200 شخص وإصابة زهاء 4 آلاف آخرين وتدمير نحو 7 آلاف منزل بالكامل. وتشردت على إثره مئات الأسر التي بقيت بلا مأوى وهي تعيش في الخيام غير المناسبة.
صوت الضحايا: بين الطرد وفقدان الدخل
وكان عبد الحميد، رب أسرة مكونة من ستة افراد بولاية فارياب، قد أخرج قبل خمسة أشهر من ايران وهو يعيش اليوم في بيت أخيه، ويفتقد للدخل الثابت ويعتمد على المساعدات الغذائية.
ويقول: كنت أملك بيتا، لكني لم استطع ترميمه. والان لدي خسمة أو ستة أشخاص أعيلهم… بقيت حائرا.”
ويشكو فريد الله، المقيم في مدينة جوكي بولاية كنر من الوضع السيء للخيم المؤقتة ويقول:
“الخيام غير مناسبة وغير جيدة. منطقتنا نائية، وقد لا يتم العناية بها جيدا. وطالما لا نبني بيتا، لا يمكن العيش.”

التحذيرات الدولية وغياب المساعدات
وتؤكد مجموعة الحماية الدولية المؤلفة من عدد من المنظماتغير الحكومية والشركاء الانسانيين، أن الكثير من البرامج الحيوية قد توفقت على خلفية نقص الميزانية. ودعت إلى التمويل الفوري لاستئناف خدمات الحماية وتوسيع المساعدات للعائدن وتعزيز آليات الحماية للمجموعات المعرضة لا سيما النساء والفتيات.
كما يؤكد التقرير على ضرورة دمج التدخلات الرامية لخفض مخاطر الكارثة والتناغم مع المتغيرات المناخية في البرامج الانسانية، لان أفغانستان معرضة بشكل متزايد لتقلبات المناخ الشديدة.
أزمة متعددة الطبقات
وتمر أفغانستان في الوقت الحاضر، بأزمة متعددة الأبعاد، فمن ناحية، السياسات الداخلية لجماعة طالبان لا سيما القيود المفروضة على أساس الجنس والنوع الاجتماعي، تحد من التنمية المستدامة للمجتمع؛ ومن ناحية أخرى، العودة الإجبارية من دول الجوار من دون تنسيق وحماية، ضاعفت الضغوط على الموارد المحدودة. وفي هذا الخضم، فان الكوارث الطبيعية التي كانت تواجه سابقا هيكلية هشة لإدارة الأزمة، باتت اليوم في غياب شبكة أمان مؤثرة، تعرض أرواح الألوف من الناس للخطر.

ومن دون التدخل الفوري والمنسق والمسؤول للأسرة الدولية، أ كان على الصعيد المالي أو ممارسة الضغط السياسي لإعادة حقوق المرأة، فان أفغانستان ليس ستكون بعيدة عن التحسن والتطور فحسب، بل ستسير باتجاه الانهيار الكامل للأنظمة الانسانية والاجتماعية.
انتهى

